لم يكن نجاح الدبلوماسية الموريتانية في إنقاذ الشعب الغامبي الشقيق من نار الحرب الأهلية هو النصر الدبلوماسي الأول ولن يكون الأخير بإذن الله.
تبيّن للذين قالوا إنها جاءت متأخرة، أنهم هم المتأخرون، وللذين قالوا إنها دبلوماسية اللحظة الأخيرة أنها كانت دبلوماسية اللحظة المناسبة.
لقد كان فهم هؤلاء متأخرا مقارنة بفهم صانع القرار الموريتاني، الذي ضرب عصافير متعددة بحجر واحد، ليقول إن موريتانيا موجودة بقوة، ولا يمكن لأيّ كان أن يفرض مواعيده وأجنداته السياسية في هذه المنطقة دون أن يحسب لهذا البلد حسابه.
لم يكن هذا النصر الدبلوماسي صدفة؛ فالطائرة الموريتانية الفخمة ومطار أم التونسي بمئذنته العالية وزخرفه الولاتي الأصيل يليق باستقبال الوفود الدبلوماسية وتوديعها، وفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز رئيس الاتحاد الإفريقي السابق ورئيس القمة العربية الحالي ومؤسس مبادرة دول الساحل الخمس، يملك في رصيده الدبلوماسي من العناوين والعلاقات ما يمكّنه من فرض الرتم الموريتاني على وتيرة الأحداث في المنطقة.
ما يأسف له المتابع للشأن السياسي الموريتاني هو قصور بعض أطياف الطبقة السياسية الموريتانية عن استيعاب المواهب القيادية الفريدة لفخامة رئيس الجمهورية، ولا أدل على ذلك من لجوء هؤلاء عندما تفشل تقديراتهم كل مرة إلى أسرار الحروف..
ألم يقل هؤلاء إن تربع الدبلوماسية الموريتانية على رأس الاتحاد الإفريقي كان صدفة؟! وعندما قررت موريتانيا أن تستضيف القمة العربية لأول مرة في تاريخها قالوا إن الأمر يتعلق بترتيب الدول حسب الحروف الهجائية؟! وعندما فاز رئيس الجمهورية بثقة أغلبية الموريتانيين في انتخابات شفافة يرأسون لجنتها المستقلة ويشرفون فيها على وزارة الداخلية خرجوا علينا بقصة الحروف الطائرة؟؟!!
تعالوا أيها السادة لنفهم الواقع الملموس بعيدا عن ضرب الودع وأسرار الحروف، واعترفوا بأننا أمام قائد وطني غيور يحمل في شخصه اعتزاز الموريتاني بدينه، وغيرة العربي على حريمه، وشجاعة المقاوم في الذود عن حماه، ورحمة القائد الإنسان الذي يستطيع أن ينتصف للمستضعفين من المترفين.
أنقذت دبلوماسية رئيس الجمهورية الشعب الغامبي الشقيق من نار الاقتتال الداخلي تماما كما أنقذت حنكته السياسية موريتانيا من الحريق العربي الذي دمر الأوطان ومزق الشعوب، عندما فتح باب الحريات واسعا، وضاعف القدرات الأمنية والعسكرية للبلاد، وضبط الحالة المدنية، ووجّه موارد الشعب لصالح الضعفاء، وحوّل القصور إلى مستشفيات.
لقد شهدت غزوات الجيش الموريتاني الموفّقة في حاسي سيدي ووغادو على أن رئيس الجمهورية رجل شجاع يعرف متى يطلق النار على العدو حتى يبعده عن الحدود، كما أن موقفه التاريخي الحكيم برفض الانزلاق في المستنقع المالي مهما كانت ضغوط الكبار، دليل على أنه ماهر في تقدير المصلحة العليا للبلاد.
لا يختلف اثنان في أن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز رجل المرحلة، وأن بعض السياسيين الذين تدفعهم حساباتهم الضيقة لمحاولة التشويش عليه يضيّعون فرصة كبيرة للمساهمة في بناء جبهة وطنية تمكّن بلادنا من العبور الآمن إلى المستقبل في ظرف يشاهدون فيه يوميا ويلات الأنانية والتلاعب السياسي باستقرار الشعوب في المنطقة.
وفي وقت تعيد فيه دول وزانة مراجعة دساتيرها وتراجع صياغة ديمقراطياتها لتحتفظ بقادتها المميزين، يرفض بعض سياسيينا دعوات الحوار، ويسارعون في تشويه الانطلاقة التنموية الكبيرة التي أثمرت آلاف الكيلومترات المعبدة، وعشرات المستشفيات ومدارس الامتياز، ومئات آلاف القطع الأرضية المجانية للفقراء، وعشرات المليارات من الأوقية التي تدعم المواد الغذائية للمحتاجين..
لقد آن الأوان أن تجمع طبقتنا السياسية على مواكبة النهضة التنموية الجارية، وتلتف حول فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز رجل المرحلة الذي وجّه خيرات الوطن لخدمة المواطنين ورفع راية موريتانيا خفاقة بين الأمم.
" وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" صدق الله العظيم.
محمد محمود ولد سيدي يحي