هاجم برلمانيون معارضون مشروع قانون حماية الرموز، والذي أجازته الحكومة قبل أسبوع، وأحالته إلى البرلمان للمصادقة عليه، ووصفوه بـ"الخطير"، وبأنه يكرس الدكتاتورية وانتهاك حرية المواطن.
وقال النائب البرلماني العيد ولد محمد في تدوينة على حسابه في فيسبوك إن مشروع القانون "يتضمن مقتضيات خطيرة على الحريات، ويحمي مرتكبي جرائم التعذيب ويميِّز بين المواطنين".
واعتبر - النائب عن حزب تكتل القوى الديمقراطية - كخلاصة أن مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان الثلاثاء القادم في جلسة علنية "ربما يكون القانون الأسوأ خلال العشرين سنة الأخيرة!".
أما النائب البرلماني الشيخاني ولد بيب فأكد في أن مشروع القانون "من أوغل القوانين في تكريس الدكتاتورية وانتهاك حرية المواطن وتعميق تسلط وبطش أجهزة الأمن به".
وأردف في تدوينة على حسابه في فيسبوك أنه "يعمق الاستبداد ويحمي الموظفين من مراقبة المواطن بعد أن أتاحت له التقنيات الحديثة ووسائل التواصل دورا في رقابة أدائهم وفضح فسادهم وإفراط بعضه في استخدام السلطة فيما يريد".
وذكر ولد بيب – وهو نائب عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" - أن الشعوب انتزعت الحريات بثورات عظيمة جاءت على الأخضر واليابس قبل أن تثوب لكلمة سواء تجعل الحرية الفردية والجماعية حقا مقدسا لا يمكن لحاكم ولا محكوم المساس به.
وأضاف ولد بيب أن العقلاء والنبهاء يريدون للبلد أن ينطلق من حيث وصل الآخر دون تلك التكاليف والمرور بتلك المطبات ودفع تلك التكاليف الباهظة "غير أن بطانة سوء مردت على التصفيق والتضليل وتكريس سلطة الفرد وإضفاء العصمة على الحاكم لمجرد انتخابه تملقا ونفاقا تسول له بالقانون وبغيره تكميم الأفواه ولجم الأصوات وإسكات أي ناطق بحق أو باطل".
ولفت ولد بيب إلى مشروع القانون جاء "في الوقت الضائع مع نهاية الدورة [البرلمانية] وبطريقة الاستعجال تمت في توقيتاته المخالفة للنظام الداخلي وفي موضوع غاية في الغرابة".
وعدد ولد بيب من ذلك أن "رئيس الدولة منتخب من المواطنين، وهو شخصية اعتبارية، ولديه صلاحيات واسعة يكرسها الدستور والقوانين وتحميه العديد من قوانين بصفته الاعتبارية ومن باب أولى بصفته الشخصية ولن يضيف له هذا النظام شيئا جديدا".
كما اعتبر ولد بيب أن مشروع القانون سيحدث ضجة كبيرة "المتضرر منها أولا وأخيرا هي صورة الرئيس الذي يسعى لحماية نفسه بالقوانين والسجون والغرامات بدل العدل والحرية وحماية المواطن وكرامته وعيشه الكريم".
ورأى ولد بيب أن جعل رئيس الجمهورية في المادة 2 بين الدين الإسلامي وبين العلم مستغرب إن لم نقل مستهجنا"، مردفا أن "الذين صوروا له الحاجة لهذا القانون قد خانوه أكثر مما نصحوه".
وشدد ولد بيب في تدوينته المطولة على أن "خطورة مثل هذا القانون تتطلب تأجيله للدورة القادمة حتى يأخذ ما يحتاج من فحص وتنقية وتمحيص وتعميق ونقاش".
وأضاف أن "سحب هذا القانون أولى من التمادي في إجراءات المصادقة عليه وأنه يحتاج وقتا لم يعد للجمعية متسعه لزحمة برنامجها في الأيام القليلة المتبقية لانقضاء الدورة".
أما النائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود فكتب مقالا أكد فيه أنه على النظام في حال مُرر مشروع القانون "أن يزيد سعة سجونه، فالشعب الموريتاني لن يفرط في حريته ولا في حقوقه بسبب نصوص صيغت برؤية قاصرة في ظرف استثنائي"، معتبرا أن الشعب "مر بظروف أصعب من هذه، وقدم في كل مرحلة من التضحيات ما يناسب أهمية الوطن ومقتضيات الحرية".
ووصف ولد سيدي مولود في المقال الذي حمل عنوان: "حول قانون حماية الرموز" مشروع القانون بأنه "خطير وانتكاسة حقيقية للحريات".
وأردف أنه "مجرد حلقة جديدة ضمن حلقات سبقته في قوانين ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب، مثل قانون المعلومات الذي يهمل مغالطات المسؤولين وتزوير الواقع، ويسجن المدونين حين نشر معلومات غير دقيقة"، مضيفا أن "90% من مضمون القانون منصوص في قوانين أخرى".
واعتبر ولد سيدي مولود أن التبويب على الرئيس زج به "وتعريض به في معركة هو في غنى عنها، ولديه من مشاكل المواطنين الصحية والتعليمية والأمنية والتنموية ما يستوجب منح الأولوية بدل هذه الترهات".
وأكد أن مشروع القانون الجديد جمع بين "المقدسات الدينية والحوزة الترابية وشخص الرئيس والعلم والنشيد الوطني الخ، وهذا أمر غريب، حيث يتم الجمع بين مسؤول ذي مأمورية محددة، يخطئ ويصيب، ويمارس السياسة ويعبر عن مواقفه وآرائه بحرية مطلقة ويتمتع بحصانة أثناء مهامه، وبين رموز وطنية ثابتة ومستمرة وترمز للوطن كله ولا تمارس مواقف ولا تظلم أحدا ولا تخطيء في حقه، وهذا عبث حقيقي".
وأضاف ولد سيدي مولود أن "رفع النشيد إلى مرتبة العلم المنصوص دستوريا غير منهجي هو الآخر"، متسائلا: "ما هي إهانة النشيد تحديدا؟ هل هو نقد كلماته أو لحنه؟"، مشددا على أنه "يجب أن نتذكر أن العلم بلونه الجديد والنشيد الحالي قد جاءا في ظروف استثنائية طبعها الكثير من القمع والانقلاب على مجلس الشيوخ، وجاءت إثر استفتاء دستوري مزوّر، صوّتَ فيه بعض الموتى!".
ورأى ولد سيدي مولود أن تجريم مشروع القانون الجديد لما يسميه (النيل من من الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة وقوات الأمن أو زعزعة ولائهم للجمهورية) "ميوعة واضحة، فمثلا يمكن أن يقال إن الكلام عن ضعف رواتب عناصر الأمن والجيش يضعف ولاءهم أو يمس معنوياتهم. كما أن تجريم المشروع لتصوير ونشر وتوزيع أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن أثناء أداء مهامها فيه لغم آخر، لأنه لم يفرق بين تحرك الجيش وقوات الأمن توفيرا للأمن، وبين ممارسة أعمال مخالفة للقانون مثل القمع وضرب المواطنين".