في مثل هذه اللحظات من عمر السلط السياسية، وفي جو مثل جونا بكل ما يعرفه على المستوى المحلي ويحيط به على المستويين الإقليمي والدولي، نحتاج قدرا كبيرا من الحذر والتوازن في التقييمات والمقاربات، فلكل تقييم أو مقاربة دور في دفع الأمور نحو مآل معين أو آخر، وللرأي العام خصوصا أطرافه التي لا تستحضر بما يكفي إكراهات السياق وتحديات اللحظة زوايا ضغط تلزم الحيطة في التعامل معها وتوظيفها أكثر من اللازم.
أن يصارح النظام القائم وعلى رأسه رئيس الجمهورية بمتطلبات المرحلة واستحقاقاتها، فأمر مطلوب وعلى أهل الرأي والنصح القيام بذلك، وأن يوضح وعلى نحو لا لبس فيه أن خطوات جادة لعلاج سريع لارتفاع الأسعار وإحباط الكفاءات، وتحسين الوضع المعيشي، وطمأنة مواطنين يحسون بالتهميش والغبن لانتمائهم العرقي أو مكانتهم الاجتماعية، وتفعيل وتجديد للإدارة والقائمين عليها، أصبحت متعينة وملحة، وأن يعلن أن مشهد الحكم والإدارة وتولي مختلف المسؤوليات محتاج لتغييرات تطمئن أصحاب الأمل في التغيير والإصلاح، وتثبت أن الأسر لطائفة من الناس لا يحس كثير من الناس تجاهها بالارتياح كان مؤقتا وتكتيكيا ولم يكن خيارا أو توجها استراتيجيا.
مع كل هذا وغيره يكون من الخلل في المقاربة الاستراتيجية والقراءة الحصيفة، أن لا نستحضر جهود
أطراف تريد إعادتنا لماض هو خلفية معظم المشاكل والتحديات الملاحظة اليوم، وأن لا نقرأ على نحو مناسب التطورات من حولنا استراتيجيا وأمنيا وما تتطلبه من تناغم داخلي يسمح بالنقد ويتجنب التحامل، يرحب بالنصح ويتحفظ على النقض، وأن لا نقر بخطوات اتخذت ونتائج تحققت في أكثر من مجال واستفاد منها قطاع واسع من الشعب.
مازال للنظام القائم ولرئيس الجمهورية رصيد من الأمل والثقة والفرص، صحيح أنه تأثر وتناقص بفعل أخطاء في هذا المجال أو أسماء في ذلك المجال، ولكن الاستدراك ممكن وقابلية الرأي العام للتجاوب الإيجابي مع أي خطوات إصلاحية، قابلية قائمة ومؤكدة.