إن الحديث عن الوحدة الوطنية أصبح حديثا ممجوجا ومملا -عند البعض- ولكننا على عكس ذلك نرى أن هذا الملف يحتاج وعيا مجتمعيا وجهودا رسمية جادة وطرحا متوازنا ومعتدلا ، فأكثر مايضر القضايا العادلة هي التجاهل المطلق ونكران المظلمة من جهة وتقديمها بشكل مستفز ومتشنج ومتعصب من جهة أخرى.
فالتطرف السياسي العرقي والتعصب الديني يخرجان من مشكاة واحدة ، فلهما نفس الأسباب كما النتائج الكارثية ، حيث إن مثل هذه الخطابات تولَدُ و تنمو وتكبر في مستنقعات الحيف والظلم وتصاعد وتيرة الفساد والتوزيع غير المتكافئ للفرص والعشوائية في الاكتتاب والتوظيف وغياب العدالة الاجتماعية وعدم المبالاة في الاستثمار في رأس المال البشري.
فمواطن الضعف والهشاشة هذه تحتاج لخلق خطة تنموية ناجعة اقتصاديا وتربويا لتكون حِصنا وشاهدا حينئذ على زيف مايدعيه بعض مسيري دكاكين العنصرية والكراهية والتعصب ، وموازاة مع جهود التنمية -وليست التحويلات النقدية العبثية التي تنفذ بصورة سيئة تنم عن غياب الاستراتيجة واعتماد المسكِّنات- تبقى الحاجة ضرورية إلى الحزم والصرامة تجاه كل مامن شأنه اللعب بالسلم الأهلي وتمزيق الوحدة الوطنية.
فإذا كان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد أسقط وأبعد شبح التهديد الإرهابي والأمني عن الحدود فإننا بحاجة إلى من يخرج هذا البلد من خطر العنصرية والتعصب العرقي وإيجاد حلول لجذور التوترات المجتمعية.
وقد تكون المقترحات التالية مفيدة في هذا الصدد:
– إنشاء مشاريع تنموية كبرى من شأنها العمل على تحسين الأوضاع المعيشية للفئات الهشة والضعيفة.
– تشجيع وتمويل المشاريع المدرة للدخل .
– شفافية المسابقات وزيادة أعداد المُكتتَبين في جميع القطاعات .
– تطوير المناهج التربوية وخلق نظام تعليمي جاد وهادف يغرس مبادئ التعددية الثقافية التي هي عنصر قوة ومنعة ، وينمي روح المواطنة والتعلق بالوطن والتضحية في سبيله .
– العدالة في الولوج إلى الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وماء وكهرباء ، والمساوة أمام القضاء وفي ميدان التشغيل والتوظيف .
– تعزيز قيم الديمقراطية والحكم الرشيد وصيانة الحريات الفردية والجماعية من أجل ضمان الحقوق وسيادة القانون .
– العمل على خلق تشريعات تجرم رفع الشعارات الفئوية والجهوية والتعريض بالوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي وتضرب بيد من حديد على كل مخالف مهما كان موقعه وحجمه ومستوى علاقاته .
– العمل على محور آثار الماضي وجبر الضرر وإشاعة روح التسامح والتفاؤل من أجل النهوض والمضي قدما في ترسيخ قيم الجمهورية .
إضافة إلى دور منظمات المجتمع المدني و النخب العلمية والثقافية من علماء وأساتذة ووعاظ وشيوخ محاظر وفنانين ومسرحيين وإعلاميين في خلق جو من التآخي والانسجام وإشاعة روح المحبة والسلام .
إطول عمر سيدي عالي