للمرة الثانية على التوالى يكسر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز هدوء شبكات التواصل الإجتماعى "الفيسبوك وأتويتر" بشكل مبكر، عبر اجبار متابعيه على رصد تحركاته الصباحية، وهو يتوجه نحو إدارة الأمن سيرا على الأقدام، عبر شوارع رئيسية، أبرزها شارع القصر والمالية والجامعة والإذاعة والمجموعة الحضرية والمجلس الدستورى..
يبادل ولد عبد العزيز أنصاره التحية فى الشوارع، ويرد على الهاتف من وقت لآخر، ويلقى نظر خاطفة على مراكز ومؤسسات زارها من قبل أو أشرف على تدشينها أو كانت له فيها ذكريات قبل الرئاسة أو خلالها، كقيادة الحرس الرئاسى، أو الحالة المدنية التى كانت من أبرز المشاريع التى رفعها خلال مأموريته، أو الإذاعة التى خلعت عليه كل الأوصاف الممكنة فى حق البشر خلال عشريته المثيرة للجدل.
لاتعوزه قطعا سيارة للتنقل من منزله الواقع فى أدغال تفرغ زينه إلى الإدارة العامة للأمن، فبحسب معاونيه السابقين يمتلك أكثر من 50 هلكس، قد تكون آخر ماتبقى لديه من هدية صديقه السابق إليه عشية مغادرة السلطة، وبحسب بيان النيابة العامة الممهد لإحالته للقضاء يمتلك الرجل أكثر 29 مليار أوقية داخل موريتانيا وحدها.
يقول ولد عبد العزيز إنه قرر رفع الحرج عن رجال الأمن المكلفين بمتابعته خلال خروجه المحدود من منزله إلى مكان التوقيع، وإنه أختار المشي على قدميه طيلة الطريق حفاظا على سلامة سالكيه.
بينما نأت إدارة الأمن بنفسها على الحوادث التى وقعت – عرضيا- خلال تحركات الرئيس السابق، بل أتهمته ضمنيا بتعريض حياة عناصرها للخطر، عبر السير يسرعة فائقة، والتوقف دون سابق انذار، والتلاعب بخطوط السير من أجل انهاك مرافقيه وتعريض حياة الناس للخطر. وأكدت فى بيانها الأخير بأنها تتحرك وفق النصوص القانونية التى تلزمها بتطبيق قرار تحديد الإقامة الصادر من قطب التحقيق المكلف بمكافحة الفساد.
يثير سلوك الرئيس محمد ولد عبد العزيز الكثير من الجدل داخل الشارع العادى، ويستقطب الكثير من المتابعين عبر البث المباشر، بل إن الشارع يتفاعل هو الآخر مع القرار الذى أتخذه الرجل قبل يومين، رغم تحذير رجال الأمن وتلويح السلطة باتخاذ تدابير جديدة للحد من قدرة الرجل على ارباك خصومه أو التأثير على سير الأحداث بموريتانيا.
يقول أنصار ولد عبد العزيز وبعض المقربين منه إن الأمن أبلغه فجر الأربعاء بأنه يمكنه الجلوس فى بيته دون الذهاب إلى الإدارة العامة للتوقيع، لكنه رفض الفكرة قائلا إنه يوقع تنفيذا لأمر قضائي، وسيجلس فى حالة صدور قرار مماثل من الجهة المكلفة بمهمته.
يعتقد أن أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أن سيره على الأقدام أكثر من 90 دقيقة وتحت تأثير البث المباشر، وعبر مسالك غير ملتوية، وبين سيارات المواطنين والتلاميذ والموظفين دون أن يسبه شخص أو يضايقه آخر، دليل على مكانة الرجل فى نفوس الشعب الذى حكمه لأكثر من 11 سنة.
غير أن المثير للإنتباه هو أن الرجل الذى أطاح بالرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، وحيد كبار الجيش 2005، وأعتقل أبرز رجال الأعمال، وأطاح بالرئيس الراحل سيدى ولد الشيخ عبد الله، ودخل فى حرب مفتوحة مع القاعدة وشبكات المخدرات، ونازل التيار الإسلامى طيلة حكمه، وأغلق العديد من المؤسسات، وحطم مجلس الشيوخ وأحال مجمل رموزه إلى التقاعد المبكر، وفرض أجندته فى العديد من الملفات الداخلية، وغادر الحكم وهو فى خصومة مع المغرب والسينغال وإسرائيل، يتحرك اليوم دون حماية أو سيارات مصفحة أو عناصر مسلحة أو لثام يخفى ملامح الوجه، فى تصرف لايستوعبه عاقل، ولايمكن أن يصدقه غير من تابعه عبر البث المباشر، والناس حول سلوكه منقسمين، بين مقتنع بأنه رجل شجاع، ومن يتهمه بالجنون وتعريض البلد لهزة أمنية لاقدر الله إذا تعرض للإستهداف وهو يتحرك بهذا الشكل الذى نشاهد اليوم، دون أن تلوح فى الأفق نهاية لملفه المفتوح منذ أزمة المرجعية قبل سنة وبضعة أشهر.