ان يتكلم أحد من عوام القوم أو الدهماء بما لايفقه فذلك أمر معهود و مقبول و متجاوز ، أما حين يتكلم فقيه دستوري و نائب رئيس حزب تقدمي بما يفقه و يعلم علم اليقين أنه خرق للدستور فضلا عن كونه عيب قانوني و أخلاقي و أدبي أيا يكن فاعله فذلك أمر مردود و مرفوض و يستوجب منا جميعا كنخبة أدبية و علمية و قانونية قبل أن نكون طليعة سياسية يقتدى بها الرد عليه و التنديد به و الوقوف عند تلك السقطة النخبوية و القانونية طويلا .
ربما تجاهل الأستاذ و العالم والفقيه الدستوري " لغورمو" و هو يزهو في لاوعيه و تحركه سواكنه الباطنية المشحونة تشفي و تصفية حسابات طاحونية و هوائية وهو العارف بأسس و مبادئ القانون العام و الدستوري و لاشك أنه ملم أيضا بقدر من الفقهه المقارن ، ان القاعدة العامة في أصول المعاملات و القصاص و الإقتضاء و التقاضي هي؛الآية الكريمة "و لا تزر وازرة وزر أخرى " .
فكيف بمن يفترض فيه أن يكون نبراسا يقتدى به في حكم الحكم و محكمة القانون و مجلس الفصل بين القوانين أن يبرر الدوس على أهم و أقدس حق مكتسب للإنسان (أجره أو راتبه ) بقوة العرق والجهد و القانون بسابقة أخرى معيبة أتخذت في اللحظة الخطاء من السلطة الخطأ " الإنقلاب" وقتها في الزمن الخطأ غير هذا الزمن ! و الأكثر غرابة و شذوذا ذهنيا و تبريريا أن يعتبر الفقيه الدستوري و نائب رئيس حزب قوى التقدم تلك السابقة حتى لوفرضنا جدلا حدوثها محلا و قرينة و سندا للقياس و الإقتداء و الإنتشاء.
إننا قد نتفهم مستوى الإنحدار و تساقط الأقنعة و نفاذ الرصيد الأخلاقي و الأدبي و السياسي الذي باتت تسبح في قاعه نخبتنا السياسية التقدمية و الديمقراطية(بالفال).
لكن أن يصل ذلك السقوط بهذه السماجة و الصلف و التمييع إلى نخبتنا الأكاديمية العلمية و الأدبية و القانونية التي هي بالنسبة لنا طوق نجاة للمجتمع و الأجيال و آخر القلاع التي لازالت عصية على داء الانتجاع و النفعية و الأنتهازية و تصفية الحسابات االشخصية، فذلك أمر يستدعي منا جميعا حماة الفضيلة و حراس ما تبقى من القيم و المبادئ اليقظة و الإستنفار حتى لاتضيع المفاهيم و الأسس العلمية و مسلماتها بعد ما ضاعت القيم و المبادئ السياسية
حتى دفعت بقامة قانونية دستورية مثل "لغورموا " إلى حضيض للاعقل و للاوعي وظهر في مقاله الأخير بمظهر المكبل بسياج من الاحقاد و التشفي و الضغينة ، و هو الذي كان يؤمل منه بحكم مكانته العلمية و الأدبية و السياسية الترفع عن الصغائر و التعلق بأهداب المثل العليا المبنية على تقديرالموقف و ظروف القرار و طبيعة المرحلة و السياق و إلتماس أحسن المخارج و الأعذار فيما يراه هو معيبا ويراه آخرون "و كانوا كثرا قبل اليوم " صائباو صحيحا.
بل إن المناضل و القيادي التقدمي (بالفال) ذهب أبعد من ذلك حين تجاوز كل النصوص و المساطر القانونية و الدستورية و قضم الرئيس الاسبق القائد محمد / عبد العزيز حقه في ممارسة الفعل السياسي المعارض ، و هو الذي ظل يمتهن تلك المهنة و يحتكرها لنفسه ولتنظيمه السياسي الوصولي دون منع أو إستنكار او تقييد من أحد حتى إنكشف لرفاقهم " المرحوم بدر الدين و الأيقونة مالك جالوا و آخرون " حقيقة ذلك الفعل المعارض والحلم المزيف المفزع " الذي تخلى أدعياءه عن كل شيئ حتي أخلاق السياسة و مودة الرفقة و مبادئ الجماعة التي إلتئمت حولها ذات صيف حار .
و كم من مرة ضبطوا متلبسين بحوارات سرية و أخرى غير مباشرة مع من يتشفى فيه اليوم و يحرض عليه ، حوارات تطبعها الزبونية و القبلية الأسرية و القبلية التي ظن رفاق دربهم أنها أصبحت بالنسبة لهم على الاقل في حزبهم شيئ من التاريخ السحيق و الرجعي لهذا الشعب، قبل أن يفيقوا على على البهتان الكبير و التنكر والحجود الآثم لمبادي التقدمية و أسس المدنية و لقيم الدولة العلمانية التي كانو يضمرون و يبشرون بها الشباب المتقد، الحالم بالحرية و التعددية و الديمقراطية و دولة القانون و المؤسسات و الحريات الفكرية و الثقافية و الفردية و الجماعية.
المثل التي كان فقيهنا الدستوري و من خلفه عرابها و "ميستروا" جوقتها الغنائية قبل أن يستيقظ الجميع على الحقيقة المؤلمة وهي ؛ أن كل ذلك لم يكن سوى سفن من زبد البحر تمخر عباب هموم الشعب و آحزانه و مآسيه للوصل الى سواحل المخملية و البورجوازية على حساب أحلام الشباب و طموحات الاجيال.
لقد آن الأوان لندخل في مرحلة المكاشفة و المصارحة و نعترف بأن إنتشال نخبتنا السياسية و الحزبية و أغلب طليعتنا الأكاديمية و الثقافية و الأدبية من حضيض التناقض و التعارض بات أمر عصيا و أكثر عوصا إمكانية إنتشالها من تحت ركام الفشل و التخاذل و النكوص و التآمر على الشعب (فئات و إثنيات و قوميات) لتمرير أجنداتهم الشخصية و الحركية و الحزبية بعدما إستهلكوا كل شعاراتهم التضليلية الإستنزافية لطاقات الشباب و أحلام النخب الواعية و هموم الفئات المطحونة.
و بات أكثر لزاما علينا بل وجوبا علينا نحن الأحرار التصدي لمثل هذه النخبة و هذه العناوين الكبيرة! الصغيرة في حساباتها و طموحاتها و التخلص منها من خلال بناء طبقة سياسية جديدة و إستدعاء و إستنهاض نخبة أكاديمية علمية و أدبية و ثقافية حرة و مستقلة و شجاعة( مترددة كانت أو مستقيلة) لشغر المساحات و الفراغات السياسية و الأدبية و الفكرية التي خلفها إستقالة النخب الصالحة و شيوع النخب النفعية و التسلقية، معتمدين على الصدق و الإخلاص و الأمانة الفكرية و الأخلاقية منهجا و صراطا مستقيما لبناء الأمة الموريتاتية جمعا و تحرير العقل و الفكر و الطاقات الابداعية الأبنلء الشعب الموريتاتي كافة من ثالوث السلطة الإستبدادية و الموالاة الأنتهازية و المعارضة الوصولية عبر تغيير العقليات و بناء الأفكار ورفض الوصاية و التبعية و الخنوع و الإستسلام.
و لينعم فقيهنا الدستوري " لغورموا " بطول عمر و سعة بال و نعمة بصر و سلامة عقل ليشهد بنفسه أن دوام الحال من المحال و أن زمن إحتكار السلطة و المعارضة قد ولى إلى غير رجعة ، و أن السياسة علم واسع من العلوم الإنسانية التي أصغر فصل فيها هو القانون و القانون الدستوري خاصة الذي لم يأهله هو نفسه حتى الأن ليصل لحقيقة أدبية كونية و هي ؛ أن العاجز وحده هو من يلجأ إلى التشفي و الإقتصاص و الشتيمة.
أنصحكم سيدي البروفيسور أن تقرؤو جيدا مذكرات أيقونة النضال الإفريقي نيلسون مانديلا " الطريق الطويل إلى الحرية " و مذكرات الرئيس الأمريكي الأسود" باراك أوباما" بعدها سوف تعرف أي حضيض ساقتك إليه تلك التشفيات و التبريرات التي سقتها في مقالكم الآثم و المتجني على القانون و النصوص التنظيمة العضوية و الأعراف و الأموار التنظيمية و الإدارية وأنتم من يفترض أن تسموا به مكانته العلمية و الأدبية التي بدأت أشك في إستحقاقها.
وإلى ميقات آخر أرجوا أن تسموا بعلمك الذي رفعك عن سفاسف الأمور و أقوال العوام و حوادث الايام .
د/ سعد ولد لوليد .