تتعدد توقعات المحللين والخبراء بشأن أسعار النفط على مدار عام 2021، في ظل تباين النظرة تجاه مستقبل الاقتصاد العالمي وسيناريوهاته.
وإلى جانب العوامل الجيوسياسية التي يصعب التنبؤ بها، يطرح المحللون سيناريوهاتهم لمستقبل أسعار النفط بالنظر إلى مؤشرات الاقتصاد العالمي وتحركات أوبك وحلفائها وموقف إنتاج النفط الصخري الأمريكي.
ومن بين سيناريوهات عدة، يرى نبيل جبار العلي الباحث الاقتصادي العراقي، أن ثمة سيناريو مطروحا يدعم عودة البرميل إلى ما فوق 100 دولار قبيل نهاية 2021.
ويرى العلي في تقرير لموقع "مديل إيست أونلاين" أن انخفاضا متوقعا لمؤشر الدولار بنسبة 20% مع تضخم وشيك، يتيح ارتفاع أسعار النفط بنسبة تقارب 25% عن معدلاتها التخمينية المتعلقة بالطلب والتنافسية.
وأوضح: "سيتراوح سعر النفط بين 81 إلى 106 دولارات لكل برميل إذا ما تم تحييد العوامل التجارية والاقتصادية والجيوسياسية الأخرى".
وسيناريو العلي يأخذ في الحسبان عودة إنتاج النفط الصخري الأمريكي، وتخلي أوبك وحلفائها عن سياساتها الحالية لخفض الإنتاج.
وأوضح: "سيكون بذلك سعر 106 دولارات أعلى عتبة سعرية متوقعة و81 دولارا العتبة السعرية المتوازنة بعد دخول إنتاج النفط الصخري وعودة المنتجين التقليديين إلى كمياتهم التصديرية القياسية".
أسباب ارتفاع النفط
ووفق تحليل العلي، ترتبط أسعار النفط عالميا بأسباب اقتصادية مباشرة تتعلق بمقدار حجم الاستهلاك العالمي للنفط الخام والذي كان يقدر بـ100 مليون برميل يوميا، ثم انخفض إلى ما يقارب 75 مليون برميل يوميا خلال سنة 2020 ومطلع 2021.
وأوضح: "يبقى الطلب العالمي هو العامل الرئيسي المباشر، ومن أهم المؤثرات التي تحدد قيمة أسعار النفط الخام اعتمادا على مبدأ وقاعدة العرض والطلب التي تحدد قيمة السلع والمنتجات".
وتابع: "تعد منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أو مجموعة (أوبك بلاس) والتي تشير إلى دول أوبك والدول التي انضمت إلى اجتماعاتها من خارج أعضائها، تكتلا اقتصاديا دوليا يحاول تحقيق ومراعاة أهداف ومصالح تلك الدول اقتصاديا من خلال ضبط القدرة الإنتاجية للدول المصدرة".
وأوضح: "جاء إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية مؤخرا عامل ضغط على دول أوبك وأوبك بلاس، لكون إنتاج النفط الصخري ينتشر في دول لا تضع أي قيود أو سيطرة أو محددات على الشركات المنتجة للنفط الصخري".
ووفق العلي، فإن دخول النفط الصخري إلى الأسواق النفطية حديثا، زاد حجم الإنتاج العالمي بنسبة 10% دون سيطرة أو قيود الحكومات والدول المنتجة للنفط، ونافس الدول المصدرة والمنتجة للنفط.
وأوضح: "ساهم وجود هذه التكنولوجيا الحديثة في إنتاج النفط في بلدان ليبرالية تتمتع فيها الشركات بحريات الإنتاج والبيع، وشكّل عامل ضغط كبير على الأسعار النفطية يدفع بها نحو الانخفاض بفضل الوفرة وزيادة العرض عالميا".
لكن نقطة هامة، بحسب العلي، جاءت لصالح المنتجين بالحقول التقليدية للنفط، هي أن كلفة إنتاج النفط الصخري تعادل تقريبا ثلاثة إلى أربعة أضعاف كلفة إنتاج النفط من الخام الاعتيادي بما يقارب 45 دولارا للبرميل الواحد.
لا خوف من "النفط الصخري"
وعلى الرغم من صعود أسعار النفط العالمية منذ أكثر من شهر محققة ارتفاعا كبيرا وصولا إلى 60 دولارا للبرميل، يقول العلي إن سياسات شركات النفط الصخري ما زالت تضع لنفسها استراتيجية تجارية خاصة تتعلق بمدى استقرار واستدامة السعر النفطي الحالي الذي لا يحتمل مزيدا من الهزات والصدمات.
وأوضح: "من الممكن أن تصيب الأسواق حالة من الانخفاض بالأسعار لتعود إلى مستوى 40 إلى 45 دولارا للبرميل الواحد، حالما استشعر السوق عودة إنتاج النفط الصخري للأسواق وازدياد العرض التجاري، لتعود تلك الشركات إلى الإغلاق أو إعلان الإفلاس.
وتابع: "تبقى استراتيجية الشركات النفطية الأمريكية هي انتظار تعافي الأسواق النفطية لتصل إلى عتبة الثمانين أو التسعين دولارا للبرميل الواحد".
التحفيز والتضخم
وتعتبر سياسات التسهيل النقدي واحدة من أهم العوامل المؤثرة على قيمة المنتوجات والسلع، وفقا للعي.
ومع السياسات النقدية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي وعمليات التحفيز الاقتصادي الكبيرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تبنت حزمات تحفيزية تعد الأكبر في التاريخ، الأولى بقيمة 1.9 تريليون دولار، والأخرى بقيمة 900 مليار دولار، والأخيرة بقيمة 1.9 تريليون دولار مع بداية تولي بايدن للسلطة، وتقارب بمجملها الـ5 تريليونات دولار خلال سنة واحدة، وتضيف للنقد العالمي ما يعادل 6% والمقدرة بـ80 تريليون دولار.
وأوضح: "قد تساهم تلك السياسات عمليا في تضخم الأسعار وانخفاض مؤشر قيمة الدولار الأمريكي، وحسب توقعات سيتي بنك فقد ينخفض مؤشر الدولار بنسبة 20% مقابل العملات الأخرى سنة 2021".