في الخامس والعشرين من يوليو 1945، كان الوزير الأول البريطاني وقتها، "ونستون تشرتشل" يحضُر قمة في مدينة "ابوتسدام" الألمانية، رفقة الرئسين "ترومان" (آمريكا) و"ستالين" (روسيا)، احتفالا بنصر "قوات التحالف" على "قوات المحور" بقيادة “هيتلر"، في إطار مخرجات مؤتمر "يالتا". وفي اليوم الموالي، تلقى ما أسماها "طعنة حادة شبه-بدنية الألم"، عندما أعطى الناخبون البريطانيون أغلبية ساحقة (فارق 146 مقعدا) لصالح مناوئيه السياسيين في "حزب العمال". لم يشفع ل-"تشرتشل" صموده الأسطوري لوحده في وجه المد النازي، بداية الحرب العالمية الثانية، في وقت تم فيه تحييد روسيا من خلال مهاهدة "مولوتوف-ريبنتروب" مع ألمانيا الهتليرية لتقاسم "بولندا"، وأجمعت فيه النخب الأمريكية على عدم خوض حرب جديدة في القارة الأوربية، بعد تجربة الحرب العالمية الأولى المريرة ؛ كما لم يشفع له نجاحه في حجز مقعد لبلده حول مائدة النصر، بين الفيل الأمريكي والدب الروسي.
وعندما حاولت حرم "تشرتشل" طمأنته (قليلا) بقولها: "قد يتعلق الأمر بنعمة مقنَّعة (رب ضارة نافعة)..."، أجابها بمضاضة: "في الوقت الحالي، تبدو (النعمة) مقنَّعة إلى حد بعيد...". إلا أنه عندما استعمل أحد معاونيه عبارة قادحة في حق الناخبين البريطانيين، أجابه بسرعة: "ما كنت لأقول ما ذهبت إليه، لقد عاشوا وقتا عصيبا...". إنه المنطق الديمقراطي الذي يحل بسلاسة راقية إشكالات الحكم، بما فيها ظاهرة "تآكل السلطة" مع مرور الوقت حتى بالنسبة لمن أبلى بلاء حسنا في حدود إنسانيته والظروف الموضوعية من حوله.
(يتواصل)