لقد شكلت إحالة تقرير اللجنة البرلمانية إلي وزارة العدل بغية اتخاذ التدابير اللازمة لمقاضاة الضالعين في عمليات الفساد الممنهجة في العشرية البائدة فرحة و صدمة لدي الموريتانيين.
و قد تمثلت الفرحة في كون الإحالة كانت استجابة للشفافية و دور البرلمان في الرقابة و الذي يعتبر حجرا أساسيا في البرلمانات الديمقراطية ؛ و هي تهدف كذلك إلي مساءلة السلطة التنفيذية حول أعمالها، فالرقابة البرلمانية الدقيقة للسلطة التنفيذية مؤشر علي سلامة الحكم .
و إلي جانب وظيفته التشريعية يتمكن البرلمان من تحقيق توازن القوي و تعزيز دوره كمدافع عن المصلحة العامة و هذا ما حققه البرلمان الموريتاني بهذه الخطوة الشجاعة و الفريدة في شبه المنطقة و التي تنم عن نضج الديمقراطية في بلادنا و قد أظهرت إحالة هذا الملف بصفة جلية ظهور توازن بين السلطات الثلاثة و تقيد بعضها بالبعض و هذا دليل جلي علي سلامة نظامنا الديمقراطي لم يكن معهودا طيلة 28 سنة خلت من عمر الجمهورية .
لقد دقت ساعة الإصلاح و الإنقاذ من ظلمات تلك العقود الظلامية التي أستقر فيها الشعب الموريتاني علي الاستبداد و تكيف مع الهدر الوجودي في الحياة اليومية تحت الاحكام الاستبدادية .
لقد انطبقت علينا في تلك العقود مقولة الكاتب الفرنسي دولا ابواسي الذي قال : عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج الحرية و تتلاءم مع الاستبداد و يظهر فيه ما يمكن أن نسميه المواطن المستقر علي الظلم و القمع و الاستبداد ..
نعم لقد هدرت تلك العشريات الفكر و كانت تحجر العقول و خلقت مواطنين حقا مستقرين يقتصر نشاطهم الفكري علي مستوي المعاش متكيفين جدا مع عشريات الاستبداد و الطغيان .
الحمد لله الذي أفلت تلك العشريات و عقود الاستنزاف اليومي للشعب الموريتاني إلي غير رجعة و صحا البرلمان الموريتاني للدفاع عن حقوق ناخبيه و سيعرف الاستبداديون أن الشعب الموريتاني بنخبه الحية و الوطنية قد وضعوا حدا للتكيف مع الاستبداد و وضعوا حدا كذلك لويلات الجهل و التخلف و التهميج و التخويف و التدجين و استبداد أنظمة الافقار المتعمد الذي مارسته حكومات العشريات المتخبطة .
حقا ها هي الحكامة الرشيدة في موريتانيا تسقط مظاهر الظلم و التخلص من مظاهر الفساد و التهميش مجلبة التنمية و واضعة اللبنة الأولي لموريتانيا حديثة متصالحة و متيحة لكل الموريتانيين المشاركة في عملية البناء و النماء و التمتع بالكرامة و العيش الكريم و استقلال موارد البلاد لخدمة المواطن الموريتاني .
شيخنا الداه