بحسب تصريح يحمل عنوان: حفل تسليم وسام يوم 16 ابريل 2017 بسفارة فرنسا، صادر عن السفارة الفرنسية بنواكشوط بتاريخ 16 ابريل 2017 و منشور من طرف موقع Cridem يوم 21 من نفس الشهر، فإن وزير الاقتصاد الفرنسي ميشل سابين قد قَلَّدَ باسم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، و بحضور سفير فرنسا المعتمد في نواكشوط، أعلى وسام فرنسي و هو وسام "جوقة الشرف" لوزير التعليم العالي و البحث العلمي الموريتاني.
بحسب نفس التصريح، فإن هذا الوسام " يُمنحُ أيضا و بشكل استثنائي جدا كتقدير لجهود الرعايا الأجانب الذين تميزوا بالخدمات التي أسدوا لفرنسا أو للقضايا التي تدعم". يثني التصريح أيضا، من بين أمور أخرى، على تعلق الوزير المذكور بالنموذج الفرنسي للتعليم العالي.
لا أحد يستطيع أن يعتقد لحظة واحدة أن السفارة الفرنسية في نواكشوط لم تكن على علم بقضية سوكوجيم، و هي شركة وطنية كان مديرها العام من 2005 إلى 2010 الوزير الموشح. فإثر بعثة تفتيش أوفدتها محكمة الحسابات، بعد ظهور تقرير من جريدة Points chauds حول تسيير هذه الشركة، اتهمت هذه الهيئة الرقابية الدستورية المدير العام السابق باختلاسات و وجهت له تحذيرا بتسديد مبلغ 417 مليون أوقية. لقد كانت هذه القضية حديث الساعة في موريتانيا منذ شهر ابريل 2010. التحاق المدير العام السابق لشركة سوكوجيم بمعسكر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز و تعيينه، بعد انتخابات 2014، وزيرا للتعليم العالي لم ينه هذا الملف. لقد تشبثت محكمة الحسابات باتهاماتها حياله و أدرجت وقائع هذه القضية في تقريرها لسنوات 2010 ـ 2011 ـ 2012 و الذي نشر للعموم في 6 ديسمبر 2019.
من جهة أخرى، فكون السفارة الفرنسية تسمح لنفسها، و على طريقتها الخاصة، بحق تقييم حصيلة وزير في دولة ذات سيادة متهم باختلاس أموال عمومية و تمنح له أعلى وسام فرنسي يعتبر ليس فقط تدخلا في الشؤون الداخلية لذلك البلد، بل يمكن فهمه أيضا على أنه دعم لتكريس الفساد الذي أنهك بلدنا طيلة العشرية المنصرمة.
إن خلاصات الدراسة التي قامت بها اليونيسكو( المعهد الدولي للتخطيط التربوي / IIEP)، قطب داكار سنة 2018 حول التعليم العالي في موريتانيا و المنشورة على الشبكة العنكبوتية و كذا الدراسة التي قمت بها شخصيا و التي تحمل عنوان: اختلالات و تناقضات التعليم العالي في موريتانيا: تحليل ومقترحات، و التي نشرت في العديد من المواقع الإخبارية المحلية، تبينان، بالبراهين القاطعة، على أن التعليم العالي في موريتانيا يعاني من اختلالات بنيوية تعود، من بين أمور أخرى، إلى سوء الحوكمة و انعدام إستراتيجية حقيقية لتطويره، و ذلك ما يمنعه من الإقلاع.
في الآونة الأخيرة تم تقديم طلبات إلى الجهات الرقابية الرسمية للقيام بتدقيق في تسيير التعليم العالي بغية تسليط الضوء على مؤشرات الفساد القوية التي توفرت عن هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة.
في الختام، إذا كان شركاؤنا الأجانب، بما في ذلك فرنسا، جادين و يريدون دعمنا بشكل حقيقي في مجال التعليم، فإن عليهم أولا التوقف عن التدخل في سياساتنا التربوية.
عاشت موريتانيا مستقلة و كاملة السيادة !
د. أحمد ولد المصطف