الفساد وأثره على التنمية الاقتصادية

سبت, 15/08/2020 - 11:42

يعتبر الفساد بأشكاله المختلفة ظاهرة قديمة عرفتها المجتمعات الإنسانية منذ القدم، إذ تشكل تلك الظاهرة أكبر تحدي تواجهه دول العالم وخاصة النامية منها، حيث ضعفُ المؤسسات الرقابية والقضائية وتبعيتها شبه الكاملة للسلطة التنفيذية، فبغياب التوازن بين تلك السلطات وقيام كل منها بدورها الدستوري تنمو وتتطور تلك الظاهرة.

لا شك أن الفساد – الذي تعرفه منظمة الشفافية الدولية على أنه " سوء استغلال المناصب العامة لتحقيق مكاسب خاصة " يضرب المجتمعات في ظل توافر جهود معينة تساهم في نشأته وتطوره.

فالفساد نقيض التنمية وله آثار خطيرة على عملية التنمية الاقتصادية يتحملها المجتمع وتتمثل في:

سوء تخصيص الموارد؛

تراجع الاستثمار المحلي والأجنبي؛

انعدام المنافسة وانخفاض كفاءة الأداء والابتكار؛

إدارة فاسدة وسياسات لا تحقق تطلعات المواطنين؛

تراجع مستمر في فرص العمل (تزايد معدل البطالة)؛

زيادة الفقر في المجتمع.

وفي العقود الأخيرة من القرن العشرين بدأ اهتمام الاقتصاديين بالبحث – بعد عدة عقود من التنمية – عن أسباب الفشل الذي أصاب عملية الإنماء الاقتصادي ومن ثم بروز ظاهرة تنمية التخلف التي أصابت معظم البلدان النامية وتوصلوا إلى خطورة الفساد على عملية التنمية الاقتصادية.

إن تنمية الفساد هي التي تعمقت في أغلب الدول النامية بدلا من التنمية المنشودة والتي تستهدف رفاهية الإنسان، مما كان له آُثار سلبية على عملية الاستثمار العام وإضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة.

إن عدم تخصيص الموارد بشكل أمثل بسبب تجَذر ظاهرة الفساد - كما هو الحال في أغلب الدول النامية - يساهم في الحد بشكل كبير من حجم تدفق الاستثمار الأجنبي، إذ يعد المستثمرون الفساد من أهم المخاطر التي تتعرض لها استثماراتهم.

لقد ساهم الفساد في تردي حالة توزيع الثروة والدخل، من خلال استغلال أصحاب النفوذ لمواقعهم في المجتمع أو في النظام السياسي مما يتيح لهم الاستئثار بالجانب الأكبر من المنافع الاقتصادية التي يقدمها النظام، فضلا عن قدرة هؤلاء على تراكم الأصول بصفة مستمرة مما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين النخبة الحاكمة (المفسدون) وأفراد المجتمع.

تجمع الدراسات الاقتصادية على وجود علاقة عكسية بين الفساد ومعدلات النمو الاقتصادي، كما يتضح أن الفساد لا يعد ظاهرة ثقافية أخلاقية تخص مجتمعا أو قوما دون آخرين، بل هي نتيجة موضوعية تعكس ضعف الإطار المؤسسي للمجتمع أو الاقتصاد في البلد.

ومن أجل تجنب الانعكاسات الخطيرة والنتائج الكاريثية لظاهرة الفساد، فإن بناء مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية وتفعيل القوانين وإشراك المجتمع في مكافحة الفساد عبر التواصل بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وتفعيل دور وسائل الإعلام ونشر ثقافة الشفافية وإيضاح الآثار الخطيرة للفساد على المجتمع أمور يجب القيام بها لمحاربة تلك الظاهرة وآثارها على المجتمع.

الباحث في العلوم الاقتصادية:

عبد الله محمد المختار

63 99 88 33