احتجّيت على اللجنة البرلمانية قائلا: "لماذا قررتم الزج باسمي في قضية خطيرة واستدعائي بصفة مكشوفة ومحددة على أساس شهادة شخص لم يذكر ني مرة واحدة في تصريحاته المسجلة بل أكد -حسب نائب محترم- أن القصة برمتها قد تكون غير صحيحة؟".
ثم أردفت: " هل تكفي شهادتي الآن أمامكم ضد أي شخص لاستدعائه وتلطيخ سمعته دون أدلة دنيا؟".
عندها التفت رئيس اللجنة نحو زميله الذي كان يجلس بيساره مباشرة، وما هي إلا ثوان حتى أخذ هذا الأخير الكلام مؤكدا أن لديهم دليلا دامغا يبرر استدعائي، ثم لوح بوثيقة من ورقة واحدة قال إنها رسالة من السفير القطري السابق في نواكشوط إلى وزير الخارجية القطري في الدوحة. وحسب ما أورد هذا النائب، فإن السفير يتحدث فيها عن قرب انتهاء إجراءات إهداء "جزيرة جميلة" من طرف السلطات الموريتانية إلى أمير قطر السابق. فسألته عن علاقتي بوثيقة أجنبية أرسلها سفير معتمد في نواكشوط إلى إدارته المركزية في الدوحة، وبغض النظر عن صدقية الوثيقة المذكورة وعن مبررات إفشائها في هذا التوقيت بالضبط. قال لي ما معناه إنه من منظور وظيفتي وقتها، فأنا على علم بجميع مقابلات الرئيس السابق ومراسلاته. شرحت للنائب أنه من المنظور الفني ودون أن أتهرب من أية مسؤولية، هناك أكثر من قناة لمقابلات واتصالات رئيس الجمهورية، وأن أغلبها يمر عن طريق المدير المساعد للديوان المدني (حوالي ٧٥ ٪) والبعض الآخر عن طريق الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية. كما أن أعضاء الحكومة والمستشارين والمكلفين بمهام في الرئاسة يتدخلون من وقت لآخر لتنظيم مقابلات مع رئيس الجمهورية، على غرار المسؤولين عن مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، وذكرت له الهواتف العمومية للرئاسة التي تشكل هي الأخرى قنوات مباشرة للاتصال برئيس الجمهورية، كل هذا دون علم مدير الديوان المدني الذي لديه من الانشغالات ما يمنعه عمليا من الاهتمام بمسائل لم يكلف بها. شرحت للنائب أن الانطباع لدى الجمهور أن مدير الديوان على علم بكل ما يجري داخل القصر الرئاسي راجع إلى أن هذا الأخير يحضر نسبة - وليس كلها- من المقابلات المغطاة إعلاميا، إلا أن نسبة التغطية هذه قد لا تتجاوز ٥٪.
فكرت في أن أسأل النائب المذكور : " بالنظر إلى الوضع الحالي للعلاقات الموريتانية-القطرية، ما هي المصداقية الموضوعية لوثيقة رسمية قطرية مسربة يلوح بها نائب "إخواني" موريتاني ويتهم على أساسها الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز؟".
لم أطرح هذا السؤال لأنني وببساطة لم أشعر بضغط جدلي يبرر هكذا رد. على إثر هذا الحوار، أعدت التأكيد على أنني لم يكتب لي أبدًا أن أطلع على أية معلومة شفوية أو كتابية أو من أي نوع آخر بخصوص هذه القضية.