بدأت التحدي بإسراري علي السفر إلي الولايات المتحدة الأمريكية،مهما كانت ظروفي المادية والإجتماعية والوظيفية ، قبل أنتهاء تأشيرتي التي بقي علي أنتهاء صلاحيتها عشرة أيام فقط ،حطت رحلتي في مطار كندي الساعة الحادية عشر تماما بتاريخ 19/01/2020مع أنها كانت أول رحلة لي إلي بلاد الحرية كما يسمونها، فهي أيضا أول رحلة أقوم بها خارج البلد علي حسابي الخاص في مهمة غير رسمية، وكان هذا بحد ذاته تحديا كبيرا لي ، على غير العادة نزلت بحقائبي بمفردي من الطائرة ، حيث أن الضيف من المفروض أن يستقبله المضيف عند المطار ، كانت بداية غير مشجعة لي لكن أنا بطبيعتي صاحبة تحدي مغامرة ،أخذت سيارة الأجرة وسط كل ما يحيط بي من صخب و فيروس كورونا الذي كان معي بالتأكيد في رحلتة من الدار البيضاء إلي نيويورك ، حيث أن أغلب الركاب السبع مئة في الرحلة أسويين ، وبالتحديد من الصين وأكثرهم يضع كمامات مع أن العالم لم ينتبه بعد لتربص الوباء به ،وصلت مكان إقامتي ببروكلن في ليلة صعقة لا تنسى وبرد من قساوته كان أضراسي تصتك ،سأختزل الأحداث من أكتشاف المدينة لوحدي إلي ضياع أغلب ما كنت أحمل معي من مال في الشراء من المتاجر بأسعار غالية إلى تكرر عدم معرفتي للطريق المؤدي للبيت ،خمسة عشرة يوم، شعرت حقًا أن علي الرجوع للبلد بما أن بحوزتي تذكرة العودة ، كنت قبل وصولي لأمريكا أعرف أفرادا من الجالية من جميع فئات المجتمع ،وهناك آخرون تعرفت عليهم خلال الأيام الأولى لوصولي ،كنت أشعر أن كل واحد منهم يقول لي أنتبهي هنا أمريكا تغيرنا لا مروء عندنا ولا العادات وقيم لاتعني لناشيئًا نحن لسنا من مجتمعك بل من مجتمع آخر الهدف الوحيد عندنا تحصيل الدولار بأي طريقة ،حتي أن من بينهم من تجرأ علي قول ذلك أمامي مباشرة ، حتي نصيحة لغريب يبخلون عليك بها ، وفي خضم كل هذه المتاهات من مدينة غريبة ، وكل ما فيها من صخب مزعج وتناقضات إلي أبناء بلدي اللذين لم أتعرف عليهم من معاملتهم لي ، ألتقيت بالسيدة الكريمة بنت الأكارم خديجة بوكم مروءة وشهامة وعزة نفس إذا تحدثت عنها لا أعرف من أين أبدأ ولا من أين أنتهي ولم يكن لي معها سابق معرفة ، الصدفة فقط و دعوات الوالدين هي التي أوصلتني إليها ،كما يقول المثل الحساني (يجعل صديكن فطريكن) استقبلتني بالابتسامة التي لا تفارغ محياها وأخذتني بالأحضان ورجعت لي الأمل والاعتبار لبلدي وأن فيه أناس يمثلون ويستحقون فعلًا أن تعتز بلادهم بهم في المحافل الدولية ،وفرت لي عملا شريفا في محلاتها مع أنني غير مختصة ، فقد جنيت بفضلها مبلغا محترما ساعدني كثيرا ، دلتني علي أماكن التسوق التي لو كنت وجدتها وقت وصولي لما ضاع مالي في محلات التجزئة ، وتعرفت من خلالها علي الوجه الآخر للجالية الموريتانية الوجه الطيب والمفيد والذي يساعد بدون بروتوكولات ولا مصالح شخصية ، يمكن أن أقول بكل بساطة لولا لطف الله عز وجل و صدق ن في الكسب الحلال ومساعدة مواطنتي خديجة بوكم لكانت رحلتي إلي أمريكا رحلة بلا معنى ولا طعم ولإنتهت من قبل أن تبدأ في أسبوعين بدل شهرين فشكرا لها من صميم قلبي وشكرا لزوجها الطيب الخلوق حكيم وشكر موصول إلي كل أسرتها في موريتانيا علي تربيتها علي مساعدة الناس وتقديم الوجه الإيجابي للمواطن الموريتاني الصالح المقيم في الخارج ، بعد مضي شهر من العمل مع بنت الأكارم خديجه سافرت إلي فرجينيا للبحث عن عمل أكثر دخل مع زميلي في الدراسة والذي ألتقيت به هو أيضا بالصدفة ويا ليتها لم تكن ، وسأختصر ذكره في رحلتي مع المجهول إلي فرجينيا بذاك التأسف ، وهناك كشرت الحياة لي عن أنيابها مرة أخري ولكن بإرادتي وكفاحي انتزعت أضراسها مني مرة أخرى ولم تستطع طحني و أبتلاعي .
يتبع أنا وفرجينيا الجميلة .
بوب افال