تختلفت وجهات نظر فقهائنا الكرام، اليوم، في تحديد السلوك الأفضل والأنسب، شرعا وطبعا، للتعاطي في ظل وباء كورونا، مع أمهات الشعائر الجماعية، بما تبرأ به الذمم، وتسلم به المهج؛ وهذا الخلاف أمر طبيعي، فهو سنة الله في خلقه، وله خلقوا؛ فأي وجه حق يبرر الضجة التي ينفخ في كيرها شياطين الانس والجن، لتتحول في اعين الدهماء إلى صراع مرير وحرب ضروس بين المراجع الفقهية؛
في مثل هذا النوع من الخلافات، بين هذا النوع من القيادات، لا تكون الشتائم ومرارة القول واللسان في التطاول على القامات العلمية، لا يكون شيء من ذلك، بحال، عامل ترجيح لهذا الرأي أو ذاك،، وإنما يترجح الرأي الشرعي بصراحة النقل، أو حصافة العقل، أو وضوح المقصد، أو استيعاب الواقع، أو فقه الضرورات؛ ثم يبقى الراي المرجوح محل نظر ومراجعة، ويبقى صاحبه محل تقدير وتبجيل واحترام؛
مثل هذا الخلاف بين العلماء لا غالب فيه ولا مغلوب، فهو ليس سباقا في الفروسية أو كرة القدم، ينال الفائز فيه جوائز مادية او معنوية، ويتفوق على اقرانه غي الشهرة والأضواء، وإنما هو بحث علمي في شرع الله وأحوال الناس، يقوم به مؤهلون، غايتهم رضى الله، والوصول إلى أقرب مظان الصواب في التعامل مع تاثير جائحة تنتقل بالتجمع والتقارب، على اداء شعائر ملزمة لا سقوط لها؛ والرابح فيه المجتمع والمعرفة؛
ثم إن موضوع، وخلافا لما يكيفه بعض النافخين في الكير، لا يتعلق بالوقوف عند قرارات السلطة والتزام خياراتها في الموضوع، فإن لها على الناس حق الطاعة في المعروف، وإن بيدها لو أرادت، إلزامهم بقراراتها، بالقوة؛ إنما اختلف الفقهاء في وجوب البحث عن صيغة تسمح بإقامة الشعيرة، في حدها الادنى، مع الإلزام بمنظومة الإجراآت الاحترازية، في حدها الاقصى!!
فاتقوا الله يرحمكم الله، واوقفوا النفخ في كير التباينات الاجتهادية.