ثمة أخطاء قد تبدو بسيطة ترتكب في حق الحياة الزوجية، لكن الواقع والتجربة يؤكدان أن تكرار الخطأ الصغير مع الإصرار عليه، يعادلان ارتكاب خطأ كبير، وأن كليهما ربما يؤديان إلى خراب البيوت, وقد جرت العادة على أن يتم تجاوز الأخطاء الصغيرة التي يرتكبها الزوج أو الزوجية وغض الطرف عنها.
لكن الأمر يختلف في حال الإصرار على ارتكاب الخطأ ذاته، سواء أكان ذلك عن قصد وعمد أم لا، فالزوج قد يتشبث بموقفه، والزوجة قد تصر على هفواتها، وإذا لم يمنح أحدهما الآخر مساحات للتراجع وتصفية الأجواء، يتحول الخطأ الصغير إلى جبل من القش يقصم ظهر البعير.
إبراز العيوب وإغفال المزايا
بعض الأزواج يسلطون الضوء على عيوب ونقائص الطرف الآخر، ويعملون دائماً على إبراز هذه العيوب وتضخيمها، وفي نفس الوقت يغفلون ما يتحلى به هذا الطرف الآخر من إيجابيات ومزايا عديدة، وهذا بدوره يبني جسوراً من الجفاء والنفور بين الزوجين، ولذا ينبغي على الزوجين أن يهتما ويبحثا عما في الطرف الآخر من مزايا وإيجابيات، ويعملا على إبرازها وتنميتها، والانطلاق من خلالها لمعالجة جوانب القصور لدى الطرف الآخر.
عقد المقارنات
فبعض الأزواج يعمدون بطريقة شعورية أو لا شعورية إلى عقد مقارنات بين أزواجهم وبين أناس آخرين، من زملاء أو زميلات العمل، أو من الأقارب أو غير ذلك، وهذا بدوره يؤدي إلى وجود مشاعر سلبية لدى الطرفين، فمن ناحية يشعر الطرف الذي يقارن بمشاعر عدم الرضا تجاه الطرف الآخر، ومن ناحية أخرى تؤدي هذه المقارنة إلى جرح عميق في مشاعر الطرف الآخر، وطعناً في كرامته، فعلى الزوجين أن يبتعدا عن عقد هذه المقارنات، وأن يتحليا بالرضا والواقعية، وأن يستحضرا دائماً أن لكل إنسان مزاياه وعيوبه وإلا لما كان من البشر.
السكوت على المشاكل
لا تخلو حياة زوجية من المشاكل والخلافات، ولكن كثرتها وتكرارها بشكل مستمر، وعدم توقف الزوجين عندها والبحث عن الأسباب التي تؤدي إليها، وبذل الوسع في العمل على علاجها من خلال الحوار البناء بينهما، يولد شعوراً بالضجر، ورغبة في التخلص من هذه العلاقة، ولذا فعلى الزوجين أن يسارعا بمعالجة ما ينشأ بينهما من خلافات أولاً بأول، من خلال الحوار الهادئ والمناقشة الموضوعية.
الاستهزاء وجرح المشاعر
الاستهزاء والسخرية من أحد الطرفين تجاه الآخر في تصرفاته وسلوكياته، أو في مظهره، أو في طريقة تفكيره، أو في غير ذلك من الأمور يولد نوعاً من المشاعر السلبية المشبعة بالإحباط والنفور، وعدم الميل تجاه الطرف المستهزئ، فلا تترك مجالاً للحب والود، ولذا فعلى الزوجين أن يحرصا على أن يحترم كل منهما مشاعر الآخر، وأن يعملا على تفادي ما يجرح مشاعر الآخر.
الانشغال الدائم
الانشغال الدائم لأحد الزوجين عن الآخر سواء داخل المنزل أو خارجه، في العمل أو مع الأصدقاء، في تربية الأبناء، أو في الأعمال الخيرية والدعوية، في ممارسة الهوايات أو أي أعمال أخرى، يشعر الطرف الآخر بالإهمال والنبذ، كما يشعره بفراغ كبير خاصة إذا كان لا يستطيع أن يشغل هذا الفراغ، لذلك لا بد أن يكون هناك اهتمام بالطرف الآخر ولو كان ذلك على حساب بعض الأعمال الضرورية، حتى لا يشعر بالإهمال وبالتالي يحدث الفتور العاطفي.
التثبيط وعدم التقدير
قد يكون لكل من الطرفين رغبات وطموحات وحاجات تحتاج إلى المساندة والمساعدة في تحقيقها، ولكن عدم تفهم الطرف الآخر لهذه الحاجات وعدم تقديره لها، يدفعه إلى التقليل من قيمة هذه الحاجات، وتثبيط الهمة، وقد يصل الأمر إلى السخرية منها، مما يولد شعوراً بالضيق لدى الطرف صاحب الطموح. ويتبع ذلك فتور عاطفي خاصة إذا أبدى آخرون إعجاباً بهذه الطموحات، فعلى الزوجين أن يعيش كل منهما طموحات الآخر، وأن يبذل كل منهما للآخر المشاركة المعنوية والمادية في تحقيق هذه الطموحات والآمال.
الغيرة الشديدة
قد تدمر الغيرة العلاقة الزوجية، وتنقلها من الأمان إلى القلق والشك، فتثور الأسئلة التشكيكية، ويتبع ذلك سوء الظن والتكذيب، مما يولد العنف والخوف، وفي ظل هذه الأجواء تختفي كل معاني الحب والود، وعلى الزوجين أن يلتزما الغيرة المعتدلة البعيدة عن الإفراط أو التفريط، وأن يلتزما بالصراحة والوضوح؛ تجنباً لإثارة بذور الشك والريبة بينهما.
التسلط
يظن بعض الرجال أنه يجب أن يكون منفرداً باتخاذ القرارات في كل كبيرة وصغيرة تخص الأسرة، فلا يحاور أحداً، ولا يسمح لأحد بمراجعته، فيسود البيت جو من التوتر، ورغبة في الهروب من هذا البيت، وكذلك الزوجة إذا كانت متسلطة، فعلى الزوجين أن يتجنبا الانفراد في اتخاذ القرار، وأن يجعلا من الشورى التي جعلها الحق تبارك وتعالى من صفات المؤمنين في قوله: «وأمرهم شورى بينهم» منهجاً يديرون به شؤون حياتهم وعلاقاتهم مع أزواجهم.
طرق لتفادي المشاكل الزوجية
يؤكد خبراء علم النفس والاجتماع أن الأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف يقضي على العلاقة أو يوسع الشرخ بين الزوج وزوجته، من هذا المنطلق نقدم بعض الإرشادات والنصائح التي لا بد من توافرها ليس لاستمرار الزواج فقط بل لإنجاحه أيضاً:
فهم حقيقة ما يجري: عند الشعور بأن المعركة على وشك الاندلاع بين الزوجين، لا بد من التفكير في الأسباب الكامنة وراء الخلاف، ويعتبر الهدوء في التعامل وعدم الدخول في المهاترات من أفضل أساليب الحوار لإنهاء حالة الثوران التي قد يمر بها أحد الزوجين، والوعي بأثر الكلمات الجارحة وشدة وطأتها على النفس ولو بعد انتهاء الخلاف، ما قد يشكل بداية للعقد النفسية إذا لم يتم تدارك الأمر بسرعة.
المصارحة: تتجه بعض العلاقات إلى سد باب الحوار من خلال فرض الرأي ومن دون المصارحة عما يكنه الشخص من الداخل، عند بدء الحوار من المهم المباشرة في ذكر العنوان الرئيسي للنقاش ثم نقاط الاتفاق والإيجابيات قبل السلبيات مما يقرب وجهات النظر، فالتعبير عما يضايق كل فرد بشكل واضح ومباشر يساعد في إزالة سوء الفهم، فالكثير من الخلافات تنبع من سوء الفهم وليس من نزاع حقيقي.
اختيار الوقت: من المهم جداً ألا يبادر الطرفان إلى حل الخلاف وقت الغضب لأن الحل في هذه الحالات يكون متشنجاً وبعيداً عن الصواب.
عدم الهروب بالصراخ: تتطلب بعض الخلافات الزوجية المواجهة حتى يتم حسمها في لحظاتها الأولى، إلا أن بعض الأزواج يختارون الهروب من المشكلة عبر الانسحاب أو رفع الصوت وقد يصل الأمر إلى تكسير بعض الأثاث، من الضروري حصر الخلاف في مسألة واحدة والسيطرة على أي نقاش قد يتجاوز حدود الاحترام المتبادل.
الابتعاد عن نقاط الضعف: عندما تصل بعض النقاشات الزوجية إلى ذروة لهيبها، يسعى البعض وعادةً الزوج إلى تذكير الزوجة بنقاط ضعفها أو سلبياتها كعدم ترتيب المنزل وحتى الحديث عن المسائل المادية، ومن المهم الابتعاد عن هذه التصرفات لما تتركه من آثار سلبية جمة في نفسية المرأة وكرامتها، فأخطر العلاقات تكمن في المطالبة بحقوق ليست واجبة والمطالبة بالواجبات وتناسي الحقوق.;