تعد الأحزاب السياسية ركنا أساسيا لبناء النظام الديمقراطي و وجودها يساعد في نماء و تطوير الدولة في جميع المجالات علاوة علي تعميق الوعي و تنميته في نفوس المواطنين ؛ إلا أنها منذ قيام الجمهورية الجمهورية الثانية في موريتانيا لم تساهم مساهمة فعالة في ذلك بل أصبحت مجرد أدوات في يد أصحاب النفوذ الاجتماعي و بعض النخب الحاكمة لتحقيق مصالحها الضيقة
و لدى الغالبية العظمي من الموريتانيين قناعة بأن الأحزاب السياسية ما هي إلا قوي انقسامية تهدد أحيانا الإستقرار السياسي و الإجتماعي لأنها دائما تنحرف لتكون أحزاب شلل و وجهاء و تكتلات شخصية و عائلية من أجل تحقيق مكاسبها السياسية لتقضي بذلك علي حق الإرادة الشعبية في التعبير عن نفسها و ما زلنا نعيش علي وقع مفاهيم المجتمعات القبلية التي تعوق العمل الحزبي و ساعد ذللك في الحد من نمو الوعي السياسي القادر علي بعث تنافس حر داخل كل حزب .
ان أغلبية كبيرة من الموريتانيين لا ينخرطون في الأحزاب السياسية نتيجة للخوف و لعدم وجود تأثير واضح و إيجابي لها في الحياة السياسية بشكل عام ؛ كما ان نخبها السياسية لم تخرج يوما من الأيام من عباءات الولاءات القبلية و الاتنية و الجهوية و لم تكن جزء من تغيير الواقع ؛ و ربما كان خوف الموريتانيين من الأحزاب بفعل تاثرهم من موقف جورج واشنطن من الأحزاب و الذي كان يحارب فكرة الاحزاب لأنه كان يعتبرها قائمة علي الجهوية و تنظر لبعضها بالعداوة و انها تزعزع المجتمع بما تشيع فيه من حسد و بغضاء و مخاوف و تذكي نار العداوة .
لقد فشلت النخب المسيرة للأحزاب السياسية الموريتانية في المساهمة في ترسيخ دولة المواطنة وهي غير قادرة علي إيجاد حل جذري لقضايا جوهرية عند الموريتانيين .
فالملاحظ منذ قيام هذه الجمهورية الثانية أن الاحزاب السياسية مصابة من مشكلة تكريس بقاء شخص واحد في قيادة الحزب و لم تتغير قيادات أحزاب عديدة و لم يترك أي منهم رئاسة حزبه و كان من نتائج هذه الظاهرة تقدم هذه القيادات في السن و ما يخلفه ذلك من جمود و عدم إتاحة الفرصة لتغيير الطبقة السياسية
و أدى تمسك رؤساء الاحزاب السياسية برءاستها الي ظهور ظاهرة الترحال السياسي و خاصة في المواسم الإنتخابية و نشوب صراعات صامتة و خفية داخل كل حزب و اختلالات هيكلية حادة في بنيتها كعجزها عن تشكيل هيئات حزبية داخلية منظمة تقوم علي توزيع المسؤولية و تحديد الصلاحيات الواضحة لاتخاذ القرارات بدلا من حصرها في يد شخص واحد .
و يسود غموض في كيفية اتخاذ و صنع القرارات داخل الاحزاب فهي تعطي الأولوية للجانب القبلي و الاتني و الجهوي و بذلك يتم صنع القرار بشكل أحادي و غير ديمقراطي و مستفز للمنخرطين في الأحزاب .
فمتى تنجح الاحزاب الموريتانية في مراجعة و بعث رسالتها النبيلة بصفة حضرية تستجيب لمتطلبات العصر ؟
شيخنا ولد الداه