نشر موقع BBC يوم أمس مقالا تناول كاتبه بطريقة سطحية مشروعا للتعاون بين بلادنا والاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب. وقد سلط الكاتب الضوء على جانب من هذا المشروع، يتعلق بتطوير جمالة الحرس الوطني العريقة.
وذكر بطريقة متهكمة ان "وصول الابل لمدينة اشميم (...) أثار جوا من المرح لدى السكان ". انتهى الاستشهاد. لقد كنت شخصيا حاضرا في هذه اللحظة ولم الاحظ مطلقا هذا الأمر. فرؤية الإبل شيء عاد جدا في المنطقة. ولكن قبل ان احدثكم عن الذي جرى؛ لا بد ان أتطرق أولا للحديث عن هذا المشروع.
يجب أن نعلم أن القسم الأكبر من الحوض الشرقي يعزله عن المنطقة الشرقية الحاجز الجبلي المعروف باسم "اظهر" والذي هو عبارة عن سد طبيعي لا يمكن تجاوزه إلا من أحد الممرات الموجودة في بعض المناطق. فعلى سبيل المثال يتم العبور الى مدينة النعمه من ممر "كنو" بينما العبور إلى مدينة ولاته من الممر المحاذي للقلعة المعروفة بها' وهو ممر صعب' تماما مثل ممر وادي انيتي الذي يؤدي للقرية التي تحمل نفس الإسم.
لقد تخلت الدولة لفترة طويلة عن هذه المناطق مما سمح للمهربين والارهابيين ان ينعموا بالتواجد فيها دون منغصات حيث كانوا يمارسون نشاطاتهم بها ثم يعبرون الحدود كما يحلو لهم.
لذلك تم تبني استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب من أهدافها الإستثمار في هذه المناطق من خلال حفر آبار وبناء خزانات الماء وتشييد الطرق والمستوصفات والمدارس وشبكات الكهرباء..الخ. وتضمنت كذلك جانبا يتعلق بتطوير جمالة الحرس الوطني.
ويجدر التذكير في هذا السياق ان الإتحاد الأوروبي لم يعد يمنح المال بشكل مباشر وإنما اصبح منذ فترة يقوم بتمويل المشاريع. وفي هذا الإطار تبنى الإتحاد في إطار الصندوق العاشر للمساعدة في مجال التنمية FED مشروعا لتزويد الحرس الوطني ببعض التجهيزات. وقد تمثل ذلك في مرحلة أولى في شراء عدد من رؤوس الإبل مع تجهيزاتها واكتتاب دفعة من أفراد الجمالة وتكوينهم وبناء أكاديمية في اشميم ذات طابع إقليمي.
كما سيتم في مرحلة ثانية تزويد الحرس الوطني ببعض التجهيزات المتطورة : درونات للتصوير و المراقبة وطائرات من نوع ULM للتغطية الجوية.
ان هذا المشروع سيمكننا خلال سنوات من السيطرة التامة على منطقة أظهر من النعمه إلى تيشيت بل ابعد من ذلك، و هي تجربة رائعة ومفيدة يمكننا أن نصدرها الى الدول في شبه المنطقة التي لها نفس الطبيعة الجغرافية لبلادنا.
انها عبارة عن عملية استفادة قصوى من خصوصياتنا. فجغرافيتنا ان كانت صعبة يمكننا التعامل والتكيف معها وعلينا أن نفعل مثل ما كان يفعل اجدادنا الذين كانوا يتنقلون في هذه المناطق على متن جمالهم.
بمعنى آخر فالعسكريون بجمالة الحرس الوطني سيتنقلون مستقبلا على ظهور الجمال ومعهم سلاح حديث ولديهم معدات متطورة للرؤية الليلية وتجهيزات مناسبة للإتصالات وتحت غطاء جوي.
من السهل أن يسخر البعض ويقول ان "الاوربيين منحونا بعض الجمال". لقد تم شراء هذه الجمال من السوق المحلي الذي ضخت فيه عشرات الآلاف من اليورو من مصدر نظيف. كما سيتم بناء الأكاديمية القادمة بالمواد المحلية وخصوصا كطين اشميم ذي الجودة العالية. اما بالنسبة للأبواب فستكون على النمط الولاتي. وهكذا سيستفيد الصناع التقليديون في المنطقة بل سيستفيد كل أبناء الحوض الشرقي من هذا المشروع.
وفي الختام لا بد ان نصوب لصاحب المقال بعض زلاته. فقد وصف الفريق مسقار ولد سيدي بقائد الجيش بينما هو قائد أركان الحرس الوطني وذكر انه برتبة فريق اول وهي رتبة لا توجد حتى الآن عند قواتنا المسلحة .
الفريق مسقار كان في اشميم مع سفير الإتحاد الأوروبي السيد جياكومو دورازو الذي لم يصطحب معه وكيل امن وإنما اصطحب زوجته وكانا هما الاثنان في ذلك اليوم في غاية ما يكون من الأنبساط مما يدل على ثقة شركائنا في قدرتنا على حمايتهم وقد كان المكان يقع على بعد بعض الكيلومترات من الحدود مع مالي.
في وقت مغادرتنا النعمة حطت طائرة على ارضية المطار تقل سفير الولايات المتحدة وكان يشعر هو الآخر بالأمن والطمأنينة.
بلادنا تؤمن أراضيها واصدقاؤنا يقدمون لنا المساعدة. ويبدو أن البعض لا يرتاح لهذا الأمر. ذاك شأن يخصه ولا يهم. وإنما المهم ان نواصل مسيرتنا نحو التقدم والازدهار.