رغم أن المعروف والشائع دوماً هو أن التوتر والضغوط النفسية تسبب العديد من الأمراض الخطيرة مثل اضطرابات ضغط الدم والسكر والكوليسترول، إلا أن دراسة طبية مفاجئة لفتت الى أن ثمة فوائد إيجابية للتوتر، فيما لا تنفي الدراسة بطبيعة الحال الأضرار الناتجة عنه.
وتبين من الدراسة التي نشرت نتائجها جريدة "ديلي ميرور" البريطانية، واطلعت عليها "العربية.نت"، أن الضغوط النفسية والتوتر تؤدي بعقل الانسان نحو مزيد من التركيز، وتبقيه على درجة عالية من اليقظة والحذر، كما أنها تؤدي الى رفع الكفاءة وتعزز الانتاجية لدى الانسان.
لكنَّ الدراسة قالت بأنه يتوجب أن يكون التوتر والضغوط النفسية ضمن دائرة التحكم وأن لا تخرج عن سيطرة الانسان حتى يتمكن من الاستفادة منها، وحتى تؤثر إيجاباً في عقل الانسان وتفكيره وانتاجيته.
وجاءت نتائج هذه الدراسة بعد عمليات فحص مكثفة أجراها باحثون من جامعة إنديانا الأمريكية وشملت أكثر من عشرة آلاف شخص في الستينيات من أعمارهم، فيما بدأت عمليات البحث والتمحيص في هذه الدراسة العملاقة منذ العام 2004 حتى تم التوصل الى هذه النتائج.
وقام الباحثون بقياس الضغوط الناتجة عن وظائف العاملين الخاضعين للدراسة، كما تم سؤالهم عن صعوبة أعمالهم وكم يحتاجون من التركيز العقلي من أجل إتمام أعمالهم وإنجازها، ومن ثم تم التوصل الى النتائج.
لكن المفاجأة أيضاً هي أنه بعد 7 سنوات من بدء الدراسة لاحظ الباحثون أن الموظفين الذين كانوا يتعرضون لضغوط نفسية لكن هذه الضغوط خرجت عن سيطرتهم ولم يكونوا يتمكنون من إنجاز الأعمال المطلوبة منهم، قد وافتهم المنية وفارقوا الحياة. كما تبين أيضاً أن هؤلاء الذين توفوا كان مرض السرطان هو السبب الرئيس لوفاتهم.
وخلص الباحثون الى أنَّ الأشخاص الذين يتعرضون لضغوطات في العمل وتوتر دون أن يتمكنوا من السيطرة عليه، ودون أن ينجحوا في إنجاز أعمالهم، فانهم يكونون عرضة للموت أكثر من أقرانهم وبنسبة تصل الى 15%.
وفي المقابل، وبينما يؤدي الاجهاد مع عدم القدرة على انجاز العمل الى الوفاة، فان السيطرة عليه والقدرة على إنجاز الأعمال والأهداف المطلوبة من الشخص تحت الضغوط النفسية يؤدي الى الكثير من المنافع والفوائد الصحية، بما في ذلك تقليل مخاطر الوفاة، حيث يقول الباحثون إن من يتعرض لضغط نفسي مع القدرة على انجاز العمل، أقل عرضة للوفاة مقارنة بمن لا يتعرضون لأي ضغوط نفسية في حياتهم العملية.
وبحسب جريدة "ديلي ميرور" فان نتائج هذه الدراسة الجديدة تمثل دعوة لأصحاب العمل من أجل أن يعيدوا هيكلة الأعمال الموكلة لموظفيهم، بما يتيح لهم أن ينجزوا بصورة أكبر ولكن مع إعطائهم حرية في كيفية إنجاز المهام المطلوبة منهم مهما كبُر حجمها.