مِمَّا يُحكَى عن الفيزيائي الألماني آلبرت آينشتاين عالم الرياضيات المعروف ب (أب النسبية) أنه جلس مرة في أحد مطاعم نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية وطلب من أحد العمال إحضار قائمة الوجبات ، وحينما سلمه اللائحة كان آينشتاين وقتها نازعا نظاراته وطلب من العامل قراءة القائمة ، فرد عليه : (أنا جاهل مثلك).
وهو نفس التصور الذي ربما دفع بمدير قناة الموريتانية عبدالله ولد أحمد دامو الجاهل بأبجديات الحقل الصحفي والبعيد من الدراية والرواية بما يتطلبه الإعلام العمومي ومايحتاجه من خبرة وكفاءة في مجال مهنة المتاعب إلى إبعاد الإعلامي الكبير العميد محمد تقي الله الأدهم عن إدراة الأخبار وهو الذي يشهد له العاملون بالحقل الصحفي بالكفاءة والتميز والتفاني في خدمة مجال آمن به وأطلق فيه العنان لمواهبه ، وحجز فيه مقعدا لن يصل إليه أصحاب القلوب المريضة ، ناهيك عن تجربة تربو على ثلاثين سنة تدرج فيها عبر سُّلَّمٍ تجعل الصاعد مُلِّمًا بالتفاصيل وعارفا بِكُنْهِ وأمراض صاحبة الجلالة ، خصوصا عندما تُعَزَّزُ تلك التجربة برصيد علمي ومؤهل أكاديمي يفتقر إليه أغلب المنتمين للحقل. صحيح أنه قد عُيِّنَ مديرا عاما لمراقبة برامج باقة الموريتانية ولكنه يستحق أكثر من ذلك بكثير ، إذ ليس منصب "المدير العام للقناة" إلا أقلها شأنا حسب العارفين بكفاءة الرجل وتميزه.
التحق العميد محمد تقي الله الأدهم بالإذاعة الموريتانية عام 1989 فتفتقت مواهبه وصنع لنفسه مكانا بين الكبار وفرض احترامه على كل من أدركه من جيل التأسيس في أقدم وسيلة إعلامية تعرفها الجمهورية الإسلامية الموريتانية متمثلا قول عصام بن شهبر (حاجب النعمان بن المنذر) :
نفس عصام سودت عصاما ** وعلمته الكرَّ والإقداما
عمل محمد تقي الله لسنوات في الإذاعة الوطنية مُعدًّا ومُقدما للأخبار والبرامج الترفيهية والتوجيهية قبل أن يلتحق بالتلفزة الوطنية ليصبح من خيرةِ وأبرزِ صحفييها لتتم ترقيته بعد ذلك وبجدارة مديرا للبرامج بالقناة الشيء الذي كشف عن جانب آخر من شخصيته كمدير فكان تعاطيه مَحَلَّ إعجاب وترحيب وتقدير من الطاقم الصحفي العامل معه ، ويعود له الفضل في تطوير باقة برامج الموريتانية ، فقد حدثنا ذات مساء ونحن نتناول موضوع الإعلام والصحافة الموريتانية أحد الإعلاميين البارزين الذين أبلوا بلاء حسنا في هذا المجال قائلا : (لا أعلم شخصا أكثر أخلاقا ولباقة وتميزا ومهنية وكفاءة في قناة الموريتانية من المدير محمد تقي الله الأدهم).
بعد إدارة البرامج تولَّى العميد محمد تقي الله إدارة الأخبار فكان له الفضل في إتاحة الفرصة وإفساح المجال للمذيعين الشباب وبعض الهُوَّاةِ القادمين لِتَوِّهِمْ إلى مهنة المتاعب فكان لهم المُرْشِدَ والمُوَجِّهَ والسَّنَدَ والجسر الذي عبروا من خلاله إلى المشاهدين. اليوم وبدل أن يستعين به ولد أحمد دامو القادم لتوه من ظل شجرة القصر هاهو يُضيِّعُ على قناة الموريتانية وعلى الإعلام الوطني فرصة التطوير والتغيير إلى الأحسن من خلال إلجام أهل الكفاءة والخبرة ، وهو لعمري حلم لن يتحقق لصاحب الشجرة الذي لم يُضِفْ للتلفزيون ولا للإذاعة قبلها سوى صباغة الجدران والتعميمات الأسبوعية.
فأنا على يقين بأن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ومن خلال برنامجه "تعهداتي" الذي يعطي أولوية لتطوير الإعلام العمومي وجعله إعلاما قويا وفاعلا لن يترك هذه الألاعيب تمر بسلام وسيعيد الإعتبار بلا شك للعميد محمد تقي الله الأدهم وسيبعد المُتسكِّعينَ على قطاع الإعلام العمومي الذين لاتربطهم به أية صلة وعلى رأسهم عبدالله ولد أحمد دامو ، وذلك بناء على برنامج رئيس الجمهورية القاضي بأن الإصلاح والتطوير لا يتأتَّى إلا من خلال إسناد الأمر إلى أهله العارفين به والقادرين على تشخيص أمراضه ومعالجة أوجاعه ليكون "إعلام المواطن" الذي يواكب المرحلة.
فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَايَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرَضْ.
بقلم : إطول عمر سيدي عالي