تشهد الساحة الإعلامية، والسياسية في موريتانيا خلال الساعات الأخيرة حالة من الهودء الذي تلا عاصفة من السجال والضجيج الإعلامي، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، متخذا من الشائعات مادة له، بعد فهم الرسائل المشفرة للنظام القائم لمناوئه الساعين للوقيعة بين رئيسي البلاد (السابق، والحالي)، رغم محاولات البعض تحقيق هذا الهدف بالضرب بطرق غير مباشرة، وعبر أساليب ملتوية، ويتناسى أصحاب هذا التوجه أن الرئيس الأسبق محمد ولد عبد العزيز أعلن في وقت مبكر من مأموريته الثانية أنه لن يترشح من جديد، لكنه أكد أنه سيسلم قيادة موريتانيا لشخص يستطيع، ويستحق تحمل الأمانة، وتتوفر فيه معايير القيادة، فالوطن سيكون في يد أمينة، بدأت التكهنات، والتخمينات، والتوقعات، كل يتساءل.. من هي تلك الشخصية التي ستحظى بدعم الرئيس - حينها- ولد عبد العزيز يا تـُرى ؟؟.
طال انتظار الجميع، وتعددت معه الترشيحات المحتملة، قبل أن يـُفصح الرئيس ولد عبد العزيز عن اسم مرشحه، الذي لم يكن سوى أقرب مقربيه، ورفيقه، وشريكه في تسيير شؤون البلد في العشرية الأخيرة، ومـُحقق واحد من أهم إنجاززات العشرية وهو تطوير وتحديث الجيش الوطني، ووضع استراتيجية أمنية جلبت الأمن والاستقرار للبلد، وباتت مثالا يـُحتذى لدول الإقليم، إنه قائد أركان الجيوش، ووزير الدفاع، وقبل ذلك مدير الأمن الوطني، وأرفع ضابط في مؤسسة الجيش، محمد ولد الشيخ الغزواني، لم يكن الرجل الهادئ، والذي يفضل العمل بصمت، لتنطق إنجازاته بلسان الحال، يسعى للسلطة، ولا باحثا عنها، وإنما سعت السلطة إليه، وجاءته منقادة، وزُفت إليه في عرس انتخابي وطني، قال فيه الشعب كلمته الفصل، وقرر تسليم مقاليد الحكم لولد الشيخ الغزواني لخمس سنوات قادمة، قابلة للتجديد.
وفور إعلان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عن اسم مرشحه للرئاسة، بدأت على الفور محاولات الوقيعة بين الرجلين، وهو ما واجهاه بالتجاهل أحيانا، وبالحديث أحيانا أخرى، ولعل مهرجان افتتاح الحملة في انواذيبو، وخطابي التنصيب في قصر المرابطون، شكلا أبرز محطتين تجلت فيهما متانة العلاقة بين المحمدين، وكونها عصية على الوشاية، أو التأزيم، فلقد حرص ولد عبد العزيز (الرئيس حينها) على الحضور في افتتاح الحملة، وأعطى تعليمات واضحة لا تقبل التأويل، ولا التأجيل لأغلبيته بضرورة التصويت بكثافة للمرشح محمد ولد الشيخ الغزواني، لأنه وحده القادر على مواصلة قيادة سفينة الوطن نحو بر الأمان،، استمرت حملة التشكيك، والشائعات، ومحاولات الوقيعة خلال الحملة الانتخابية، وما قبل التنصيب، لكن خطابي الرجلين في حفل التنصيب أكدا ما كان مؤكدا، وأخرسا كل الألسن المشككة، وأصابا المصطادين في المياه العكرة بصدمة حقيقة، عندما قالها بوضوح ولد عبد العزيز: لقد اختار الشعب أفضل خيار، وأنا واثق من أن الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني سيقود البلد بحكمة، وخبرة، وكفاءة عالية، ليرد الرئيس ولد الشيخ الغزواني بعبارات الإشادة، والتنويه بسلفه ولد عبد العزيز، وسارت الأمور بسلاسة ربما لم يتوقعها الكثيريون، لكن حملة الشائعات والتأزيم أطلت برأسها بقوة في الأسابيع الأولى للرئيس ولد الشيخ الغزواني في الرئاسة، صحيح أن أيا من الرجلين لم يعلق على هذه الحملة، لكن الثابت أن صداقة، وتعاون، وانسجام الرئيسين سيظهر بجلاء في كل محطة تتطلب ذلك، تماما كما ظهر خلال العشرية الأخيرة، وفي أصعب المراحل، وأكثرها حساسية.