استدعيت هيئة الناخبين يوم السبت 22 يونيو 2019 للتصويت من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد. تقع على عاتق رئيس الجمهورية مسؤولية ضمان احترام الدستور، وضمان سير العمل بانتظام من جانب السلطات العمومية وضمان الاستقلال الوطني والسلامة الإقليمية وضامن استقلال السلطة القضائية... وكلها أمور منصوص عليها في الدستور.
لكن ما لم ينص عليه الدستور هو كون العدالة من مقومات الرئاسة. دعونا نرجع إلى الأصل اللغوي لكلمة "رئيس"، كما جاء في القواميس العربية، لنقف على هذا المعنى. الرَّأْسُ: أَعْلَى كُلِّ شيْءٍ. ومن المَجَازِ: الرَّأْسُ: سَيِّدُ القَوْمِ كالرَّيِّسِ ككَيِّسٍ، والرَّئِيسِ كأَمِيرٍ. قالَ الكُمَيْتُ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ ابنَ سُلَيْمَانَ الهاشِمِيَّ:
تَلْقَى الأَمَانَ عَلَى حِيَاضِ مُحَمَّد .. ثَوْلاَءُ مُخْرِفَةٌ وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لاَ ذِي تَخَافُ ولاَ لِهذَا جُرْأَةٌ .. تُهْدَى الرَّعِيَّةُ مَا اسْتَقَامَ الرَّيِّسُ..
والثَّوْلاءُ: النَّعْجَةُ. والمُخْرِفَةُ: الَّتِي لَهَا خَرُوفٌ يَتْبَعُهَا. وقوله لا ذي: إشارة إلى الثولاء، ولا لهذا: إشارة إلى الذئب، أي: ليس له جرأة على أكلها مع شدة جوعه. ضرب ذلك مثلا لعدله وإنصافه وإخافته الظالم ونصرته المظلوم، حتَّى إِنّه لَيَشْرَبُ الذِّئْبُ والشَّاةُ من ماءٍ وَاحدٍ. وقوله "تُهْدَى الرَّعِيَّةُ مَا اسْتَقَامَ الرَّيِّسُ" أي: إذا استقام رئيسهم المدبّر لأمورهم صلحت أحوالهم باقتدائهم به.
سيدي محمد ولد بوبكر، مرشح التغيير المدني، يَعْرِفُهُ النَّاسُ رَجُلاً عَدْلاً ومُنْصِفاً. وهو مَعْرُوفٌ بِاسْتِقَامَتِهِ واعتدال سلوكه وأخلاقِه الفاضلة. إنه الرئيس العادل المؤهل لأن يقود المرحلة المقبلة. شغل مرتين منصب رئاسة الوزراء، فبَسَطَ عَدْلَه وساهم بصدق وإخلاص في إدارة أزمات مصيرية، وانجز إصلاحات جوهرية. وقد «نجحت حكومته في أقل من عامين، خلال الفترة 2005-2007، في زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية بنسبة 100 ٪، وخفض ديون البلاد إلى النصف واستعادة ثقة الشركاء الخارجيين لموريتانيا. كما أن حكومته هي التي حققت في مناخ من الإجماع الملحوظ بين جميع الموريتانيين أول انتخابات حرة وشفافة في تاريخ موريتانيا». كان سيدي محمد ولد بوبكر يُثبت دائما بعروضه عن حصيلة حكومته أنه يفي بوعوده.
وها هو اليوم يدعونا إلى العمل معه من أجل «بناء موريتانيا التي نطمح إليها والتي تسعنا جميعا. موريتانيا العصرية المتأصلة في تراثها الإسلامي السمح وفي حضارتها العربية الإفريقية الثرية. موريتانيا المحكومة بدولة القانون والمؤسسات. موريتانيا الغيورة على استقلالها وسيادتها. موريتانيا التي تستمر في بناء جيش جمهوري قوي ومهاب. موريتانيا العدل والأخوة والمساواة. موريتانيا الوفاق والتسامح والتعاضد. موريتانيا التي تكفكف دموع المظلومين وتضمد جراح المكلومين. موريتانيا التي تضمن التعليم والصحة والرياضة وفرص الشغل وتهتم بالشباب، وتبني المدرسة الجمهورية التي تحتضن جميع أبنائها. موريتانيا التي تعتنى بالمواطنين وتوفر لهم الاحترام وظروف العيش الكريم. موريتانيا التي تحسّن من ظروف العمال والموظفين والمتقاعدين، وتولي عناية خاصة للمدرسين والأطباء والممرضين، وتضاعف الرواتب وترفع الحد الأدنى للأجور. موريتانيا التي تضمن شفافية ثرواتها الطبيعية والاستخراجية واستفادة مواطنيها من عائداتها، خاصة ثروة الغاز الواعدة. موريتانيا التي تعطي المرأة حقوقها وتشركها في مراكز القرار. موريتانيا التي ترفع من شأن العالم الريفي وتثمن منتجاته. وتعتني بتراثها وصناعاتها التقليدية. موريتانيا التي تحمي جالياتها في الخارج وتوفر لهم ظروف العودة والاستثمار في وطنهم. موريتانيا التي تضمن التنمية المتوازنة، وتمارس التمييز الإيجابي، وتوزع الخيرات بعدل وإنصاف.»
قد يتساءل البعض عما إذا كان تصويتهم لصالح سيدي محمد ولد بوبكر سيضمن له الفوز، وقد يشك الناخبون في أن تصويتهم سيغير الحكم. تشككهم له ما يبرره. بعد عقد من نظام فاسد، لم يعد الموريتانيون يثقون في رئيسهم. السبب بسيط: الموريتانيون لا يثقون في رئيسهم لأن رئيسهم لا يثق بهم. منذ أن وصل الجنرال محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة - بعد إطاحته في انقلاب عسكري في 6 أغسطس 2008 بسيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس منتخب بشهادة الجميع واعترافهم، بعد ما قام بإصدار قرار رئاسي بخلعه هو والجنرال محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني- انفرد عزيز بالسلطة وصار يتصرف في سرية ودون اتصال بالموريتانيين. تركزت السلطة بصورة غير مسبوقة في يده. أساء استخدام ممتلكات الدولة واستعبد الإدارة وزور الانتخابات.
لكني أقول للموريتانيين الذين فقدوا الأمل في أن الأمور سوف تتغير في يوم من الأيام: التغيير ممكن وضروري وسيكون الآن أو لا يكون. إذا أردنا مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه بلدنا، يجب أن تكون لدينا ثقة أكبر في أنفسنا وننتخب رئيسا يطمح إلى بناء دولة القانون والمواطنة والعدل والنماء، رئيسا يهتم بإخلاص بالعمل معنا لحل مشاكلنا.
المرشح سيدي محمد ولد بوبكر سيكون الرئيس العادل، المستقيم الذي يضمن العدالة في المجتمع. رفض التخويف وجدد الكرامة، مد يد الوفاء وتعهد في خطابه بمناسبة إعلان ترشحه بفتح «آفاق جديدة، يتنفس فيها المواطن نسيم التقدير والمساواة والكرامة، وينعم فيها بخيرات بلده الوفيرة، ويطمئن فيها للعدل والإنصاف، ويحس فيها بالاعتزاز لانتمائه لبلد يضمن له حقوقه، ويجد فيه ذاته». وسيدي محمد ولد بوبكر لم يتعهد أبدا بما لا يمكنه إنجازه.
الموريتانيون يريدون التغيير. هذا يعني أن الرئيس القادم عليه أن ينتهج سياسات مغايرة لسياسة الحكم القائم.
موسى ولد أبنو