إن انتقال البلاد من طور التغيير العنيف للسلطة (الانقلابات أو الحركات التصحيحية) إلى طور التغيير السلمي، عبر صناديق الاقتراع؛ يرحل بموجبه رئيس حي يرزق_ لا إلى سجن أو منفى أو تصفية _ لهو أمر استثناء في شبه منطقة؛ مردت على الاستبداد والحكم المطلق الذي تعيش في ظله أجيال وأجيال.
وليس من الصدف أن تثني إحدى أهم الصحف العالمية "واشنطن تايمز" ؛ قبل أيام على هذه التجربة وتلفت انتباه صناع القرار الأمريكيين إلى الأنموذج الموريتاني الفذ؛ وضرورة تثمينه والاهتمام به، حتى يحذو باقي دول القارة حذوه؛ في هذا النموذج الديمقراطي السلمي والسلس في التداول على سلطة؛ طالما كان أسلوب الوصول إليها عنفويا فحسب.
بيد أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ تواجهه تحديات ومهام صعبة؛ يلزمه أن يحيط نفسه بالبطانة الكفء التي تبني هذا الوطن وتضعه على جادة من طريق تمنوي شامل.
إن من أبرز تلك التحديات _وهو ما ركز عليه الرئيس في برنامجه_ التعليم؛ فمن خلال بوابة التعليم والتعليم وحده يمكن أن نصل إلى خلق الإنسان الثروة؛ الذي من خلاله نصل إلى مصاف الدول المتقدمة؛ التي أخذت بناصية العلم وجعلت الاستثمار في البشر هو رأس المال الحقيقي الذي لا ينضب؛ وما اليابان عنا ببعيد.
كما أنه يجب إعطاء الشباب أولوية في إدارة الشأن العام؛ وتمكينهم من الولوج إلى العمل؛ عن طريق تكافؤ الفرص؛ وخلق مشاريع تمتص البطالة المتزايدة بين صفوف الشباب.
إن إعادة تنظيم المجالات الجغرافية؛ الوطنية والمحلية، تقتضي دراسات معمقة تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات والانتظارات؛ لدى الساكنة المحلية، وإشراكها في أية مشاريع تنموية تستهدف مناطقهم؛ وعبر هذه النقطة يجب خلق أقطاب تنموية حقيقية؛ فاعلة وليست أقطاب على الورق.
إن تسييرا معقلنا لمواردنا الاقتصادية الجمة ( زراعية؛ رعوية؛ معدنية؛ بحرية....)؛ واستغلالا وتثمينا لثروتنا اللامادية( المناطق التاريخية..التراث.. العادات والتقاليد... عموما عناصر الجذب السياحي غير المادي) لكفيل بأن يجعل من بلادنا قبلة للمستثمرين ورؤس الأموال.
عموما؛ يلزم أن يجد الناس بداية التغيير الفعلي في واقعهم المعاش؛ وفي مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنشودة؛ والتي نص عليه البرنامج الطموح الذي أعلن عنه الرئيس المنتخب؛ في حملته الانتخابية الماضية.
إن استغلالا امثل للموارد الطبيعية والبشرية؛ لكفيلة بأن تخرج البلاد من نفق التخلف والتبعية إلى مصاف الدول النامية؛ ولن يحدث ذلك إلا إذا كنا ننفق على التنمية نفسها أكثر مما ننفقه على خطابها.
(أطلس انفو)
احمد جدو ولد محمد عمو