إلى جانب سيدتين من إحدى المنظمات الحقوقية تجلس فتاة آنغولية قذفت بها صروف النوى من حيث لم تك ظنت.
تجلس السيدة في إحدى الوراقات قبالة قصر العدالة بنواكشوط مرتدية الملحفة؛ لم تلفت انتباهي قبل أن تحاورها إحدى السيدات وهي تترجم بالفرنسية لصاحب الطباعة ما تقوله الفتاة من دعاوي وحجج عجزت أن توصلها بلغتها الأم أو بلغة من استعمروا بلدها ردحا من الزمن، لتتحدث عوضا عن ذلك بلغة فرنسية مكسرة.
سألت السيدة المترجمة؛ ما هي قصة هذه الفتاة؛ قالت إنها آنغولية توفي زوجها الموريتاني بآنغولا ولم ترغب في أن يعيش أبناءها بعيدا عن أهلهم وذويهم وديانتهم..خاطبتها "Como estas" تهللت أسارير وجهها؛ وردت "estau bem " خالطها شعور لم يحس به إلا من ذاق مرارة الغربة؛ وكأني بها مثل أحد أبناء هذا الوطن الذين قذفت بهم الأقدار في أدغال بعيدة من تلك القارة السمراء ينظر أيمن منه فلا يرى أنيسا ولا مؤنسا من جنسه؛ وهو في خضم تلك الحالة؛ إذ فاجأه صوت قادم من بعيد " السلام عليكم انتوم اشحالكم واشطاري فيكم" فرحته لهذا الصوت تعادل فرحة الغريق الذي أوشك على الهلاك فإذا بالانقاذ يأتيه فجأة من حيث لم يكن يتوقع.
بعد انتهاء السلام عليها بدءت المسكين تسرد قصتها التي تعود بدايتها عندما تزوجت من رجل موريتاني كان يسكن في منطقة(لوندا نورد) يسمى( س.ع) أنجبت له طفلين داهمه الموت قبل أن يرى الصغير منهما.
توفي الرجل وزوجته في شهر حملها السابع، اقترح عليها أهلها وهي المسكينة التي مات زوجها وغيرت دينها إلى دين بعلها أن ترحل إلى حيث أهل أبنائها حتى تعيش وإياهم في بلد زوجها انسجاما مع دينها الجديد وحتى يكبر الأبناء بين أهلهم وذويهم..
لجأت السيدة إلى الجالية الموريتانية المعطاء هناك فتكفلوا بإنجاز وثائق السفر لها ولأبنائها مع تكاليف الرحلة.
وصلت السيدة أرض الوطن مع فلذات أكبادها _وهي لعمري لاستثناء يثبت قاعدة أن الآنغوليين لا يعطون أبناءهم لأي كان- وصلت وقد أصابت عصفرين بحجر واحد.
ولكن أتت الأيام بما كدر صفو عيش المسكينة؛ فأصبح أهل زوجها بحكم المساكنة يثقلون عليها في العمل المنزلي؛ وكأنها صارت خادمة لديهم..وعندما أثقل الأمر عليها بدأ الخلاف يدب بينها وبين أهل الزوج؛ الشيء الذي حدى بها إلى أن تطلب الرجوع إلى بلدها مع أبنائها ولكن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل أهل أبنائها معتبرين أنها ليست لها أمومة عليهم فهم أبناءهم هم...وكأنها هي لم تحمل أطفالها كرها وتضعهم كرها.
الآن والحال هذا توجهت المسكينة إلى المنظمات الحقوقية لمساعدتها في معضلتها فآزروها في رفع موضوعها إلى القضاء عساها تجد عدالة ومخرجا لكربتها.
وحالتها معروضة أمام القضاء الموريتاني في هذه الأثناء.
(ملاحظة : السيدة النعمة؛ مرشدة في رابطة النساء معيلات الأسر هي وزميلتها هم من يرافقون الفتاة ويقدمون لها يد العون في محنتها لإيجاد حال لها)
(إدارة تحرير أطلس إينفو قابلت الضحية ونشرت قصتها المؤلمة هذه لاطلاع الرأي العام عليها ولمؤازرتها في إيجاد حل يكفل لهذه المسكينة أن تعيش بسلام وكرامة؛ وأن لا تفقد أمومتها كما وهبها الله، وكما فقدت زوجها في آنغولا).