بعد أيام تحل الذكرى التاسعة لرحيل أختي الفنانة الحاضرة في كل تفاصيل حياتنا اليومية وتاريخنا المعاصر ، المغفور لها بإذن الله ديمي منت آبه ..
رحم الله ديمي : لقد سبَحتْ بنا في فضاءات الإبتهال والتبتل
يمَّمْنا معها (حوظ النبي ومارُوغُو)… واستغثنا معها بـ(شفيع الورى وقد بلغ الخوف المدى)…. بصوتها البلبلي المؤمن،صدحتْ بأشعار حسانٍ وكعب والبوصيري… طال مـَسْرانا معها على مطايا قبَّلْنا يـُمناها ويُسراها بالدعاء والثناء…
ولم تزل ديمي ، حتى آخر أيامها، تذكرنا أن (هذه الدنيا نضارة أيكة…إذا اخضرَّ منها جانب جف جانب)…. في الإنفاق و الجود الحاتمي: كانت تستحي أن تعرف يُمناها ما أنفقت يُسراها على العلماء وطُلاب العلم، وعلى المحتاجين و اليتامى والثكالى وعابري السبيل… كانت تعرف أن على رأسها تاجا ظلت حريصة على ترصيعه بأعمال البِر والخير والعطاء والنضال والإلتزام..
علمتـْنا كيف (في الجماهير تكمن المعجزات)… كيف تكون (ريشة الفن بلسما ويراعا يضيء وعي الرجال)… وقفتْ – في لحظة مفصلية لتشدو: (يا موريتان اعليك… امبارك الاستقلال)… وفي لحظة مفصلية أخرى…أكدت لمن آلمه طول غيابها عن هذا الوطن مكرهة: (موريتانيا هي بلادي)…ورددت ، بإيمان راسخ: (نختر عن كل أوطان..وطني موريتان).. ولا غرو في ذلك فهي أصيلة في تكانت…و (حدْ أصيل افتكانت شام)…خير من يحِنُّ َ ويَبكي ويُبكي على أهل و طلل… رحم الله ديمي برحمته الواسعة….
لقد كانت سيدة مجتمع عظيمة… (ذاك الشان الِّ جبرت شان)…و (كبيرت خيمْ) كانت…ونحبها جميعا حبا سيظل حب عين لا حب كفاية… أحبها الأطفال والأمهات ولبوا نداءها الخالد: (قوموا يا الأمهات..جيبُوا تركتكم جات… الدگه كل اطفل).. أحبها الشباب وهي تستنهض هممهم في مواجهة الإقطاعية والتسلط: (شباب داعي..شباب الدولْ..يضرب الإقطاعي..كانُ يُزوَّلْ)… أحبتــها بناتنا براعمَ يتلمسْنَ طريقَ الحرية والإنعتاق، يرددن نداءها الوطني الصادح: (خلو لطفيلَه منا مستقبل)… إنها تستحق كل هذا الحب الصادق…فلقد أحبتْ- رحمها الله- كل شيء جميل في هذه الأرض…وشدتْ لها: (يا أرضُ يا أم البشر…ومهبطَ النور الأغر)… غنت للشجرة في عيدها… حثتــْنا على اكتساب العلم والمعرفة…و(شكتْ لأم المؤمنين مُصيبتــَنا بجهل الأمهات)… شدتْ للرياضة الوطنية…تــُحفزُ أشبالَها على استحضار فتوحات المرابطين… نهتْ عن النميمة والوشاية…وقالت بأعلى صوتها: ( ما مرفود امن لاه…يكون الهيلاله…) علمتنا الصبر في مواجهة واقع عبوس قمطرير… وقالت للكدرْ (أنت شدَّوَّرْ؟)….. و لم تكن ديمي- رحمها الله- لنا وحدنا : قاسمت ضحايا ديرَ يس بلواهم.. وغنتْ: أنا معك (يا فلسطين يا فريسة عصر)… قاسمت مانديلا عذاباته في سجن (روبَن آيلاند) وصدحت حنجرتها الساحرة: (لابارتايد استعمار…. غير إنساني فغيار).. غنت لبيروت تجتاحها قوات الإحتلال والتدمير…وقالت مع الأخطل الصغير: لهفي عليك فكل يوم مصرع للحق فيك وكل عيد مأتم
والأمر أمرك لو رجعت إلى الهدى فالحب يبني والتباغض يهدم
رحم الله ديمي رحمة واسعة…وأسكنها فسيح جناته ..
وكما تعلَّم نزار قباني الغزل من بشارة الخوري، تعلَّمــْنا جميعا من ديمي معنى الحب والأخوة والسلام:
يا عيونا أوحت إلينا الغراما أجنونا سقيتــِنا أم مــُداما
يا بساط الهوى ويا وتر الشعر سلاما ويا شقيق الندامى
أختي العزيزة : أمثالكِ تموت أجسامهم لأن الموت حق على الأحياء جميعا , ولكن ذكرهم لا يموت، لأنّهم فرضوا أنفسهم على الزمان وعلى الناس فرضا… إن قبرك لن يستأثر بك , فلكِ في قلوب الذين يحبونك ذكر لن يموت… , ولن يستأثروا بذكرك… , وإنّما ستشاركهم فيه الأجيال التي تبقى بقاء الدهر)).
إذا ترحلتَ عن قوم وقد قدروا أن لا تفارقهم فالراحلون همُو
عزّت لوطان امشات @ امع ديمي بالذات
واصل امشات ارّدات @ الّي ماهي نيّه
والجود امش وبگات @ فجاجته هي
وافقدنَ يالمعبود @ متن الوطنية
وزين اردّه والجود @ في الرابع يونيّ
إنا لله وانا اليه راجعون
كرمي منت آب