يعيش جوزيف كابيلا اليوم لحظات نصر وانتشاء، بعد نجاح صديقه الحذق الحذر فيليب تشيسيكيدي وانتصاره في انتخابات الرئاسة في جهورية الكونغو الديمقراطية.
فنصر تشيسيكيدي ليس نصرا للشعب، هذا ما عرفته النخب في الأيام الأخيرة، و اعترفت به بشكل علني، حيث ظهر مبكرا مدى خبث المؤامرة التي اشترك فيها تشيسيكيدي مع صديقه جوزيف كابيلا.
يقول شاب من الكونغو الديمقراطية على أثير إذاعة فرنسا الدولية أن ما تمارسه النخب السياسية الحاكمة (فيليب تشيسكيدي و كابيلا) يسميه (la vieille démocratie) "بلتيك" و عبارة بلتيك نقولها نحن سكان انواكشوط للسياسة المصالح الضيقة أو السياسة التقليدية.
تشيسيكيدي أظهر ضعفا بعدما أن تمكن من الحكم و رضخ لسلطة كابيلا سريعا بعدما أن عرف أنه يحتاج لصديقه من اجل تشكيل حكومته و تمريرها عبر البرلمان الذي يسيطر عليه كابيلا.
تماما كما خدع هاذين السياسيين شعب الكونغو الديمقراطية سيفعل عزيز و صديقه غزواني، حيث أن السيناريو نفسه ينطبق على مواصفات كل واحد من هؤلاء.
فالبرلمانيون الموريتانيون اليوم لم يعلنوا موقفا واضحا من ترشيح الغزواني و لم يحددوا موقفهم منه.
كذلك نخب الحزب الحاكم و قياداته و مرجعيته ولد عبد العزيز ليسوا بنفس الحماس كما في السابق و لا يهتمون كثيرا بأنشطة ولد الغزواني و لا بقراراته و لا يعيرون كبير اهتمام لحملته السابقة لأوانها.
لم يعطي ولد عبد العزيز بعد الضوء الأخضر للتابعين له مهما كانت طبيعتهم للتحرك لصالح مرشح معين، و لم يبادر هو بإعلان موقفه بشكل رسمي رغم تلك الخرجات التي اداها بشكل خجول جدا و دون مستوى الحماس المطلوب.
كينشاسا تريد أن ترسل مجموعة رسائل إلى أنواكشوط و شعب الكونغو يريد للشعب الموريتاني أن لا يقع في نفس الخطأ الذي وقعت فيه نخبها، حين ظنت أن تشيسيكيدي إبن المعارض الشرس رجل مستقل عن كابيلا و أنه يمكنه حكم البلاد باستقلالية و قطيعة تامة مع ماضي كابيلا الذي لا يرضون عنه.
هرع القوم كلهم خلف الرجل القادم من بعيد، و ظنوا فيه نجاتهم و خروج وطنهم من مأزق حكم كابيلا، لكن الأمور باتت واضحة للشعب الكونغولي.
كينشاسا تريد منا أن نفهم ما يجري في أروقة النظام و ما تعيشه البلاد من أزمات أخلاقية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية، و تريد منا أكثر ان نفهم أن الرئيس القادم لا يجب فقط أن يكون شخصا آخر سوى ولد عبد العزيز، و كأنه لا يهم من يكون.
بل على العكس من ذلك تماما، تريد كينشاسا من نخب انواكشوط و شعب موريتانيا ككل، ان يفهم أن التغيير الذي حدث في الكونغو ليس سوى استبدال رئيس ظاهر و جعله رئيسا خفيا يتحكم في مصائر الشعب كيف يشاء و لكن من وراء حجاب، لتصحوا كينشاسا بوجهها الجميل و أناقة سكانها العريقين على خدعة كبرى و حيلة مقززة، تنبأ بقرب أزمة أخرى قد تجر البلاد إلى معارك سياسية طاحنة تؤثر على اقتصاد البلد و حياة الناس بشكل عام.
تريد كينشاسا منا جميعا أن نبتعد عن الغزواني لأنه صورة مصغرة من عزيز و صديقه الحميم، سيفعل أسوأ من ما فعله ولد عبد العزيز، لأن تشيكيسيدي أول ما قام به هو الرضوخ لمطالب كابيلا و قبول حكومة توافقية بين الاثنين "تقاسم الكعكة" من أن يبقى النظام كما هو و يتغير فقط رأسه "كابيلا".
كينشاسا فوتت فرصة نجاح رجل وطني و قامت بإنجاح رجل ظل للرئيس الحالي، و الرئيس المستقبلي لموريتانيا لا يجب أن يكون ظلا للرئيس الذي سيحمل مؤقتا صفة "رئيس الجمهورية السابق" ليحمل بعد ذلك صفة الرئيس الأول الثاني، لتكون في الأخير العواقب وخيمة على الشعب الموريتاني.
يجب هاهنا التنبيه على أمر غاية في الأهمية، ففي الحقيقة انتخاب ولد الغزواني استمرار لنهج عزيز، فأينا يرضى عن نهج ولد عبد العزيز لنسمح لغزواني بحكمنا باسمه ؟
ليس هناك من خيار يشار إليه سوى ذلك الذي يقود إلى إنجاح مرشح معارض، و قد يكون الاوفر حظا من بين مرشحي المعارضة سيدي محمد ولد ببكر لما يملكه من خبرات و تجربة و المام بدهاليز الدولة و خفاياها.
فهل نترك رسائل كينشاسا و نأخذ بما يمليه أو يحاول فرضه علينا محمد ولد عبد العزيز و حاشيته ؟
لكم أن تجيبوا كيف شئتم.
ذ/ محمد فاض الهادي