حالت الخلافات بين أطراف الحوار السياسي الليبي دون المضي قدما في تطبيق اتفاق الصخيرات، محدثة ما يمكن وصفها "بحالة من الانسداد السياسي بين أطرافها".
هذه الخلافات أفرزت انقساما في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، حيث اقترح علي القطراني نائب رئيس المجلس بدء مرحلة انتقالية لمدة عام، تسلم فيها مقاليد الحكم في البلاد لما سماه "الجيش الوطني" بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على أن تجرى في أعقابها انتخابات رئاسية.
وكان القطراني لوّح باستقالته من منصبه إذا لم يحصل تقدم في ملف الاتفاق السياسي، في وقت يتجهّز فيه رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر للاستقالة مع تسلم الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مهامه في ٢٠١٧، ويتزامن ذلك مع مرور عام على توقيع الاتفاق السياسي في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015.
ووصف عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني محمد عماري مقترح القطراني بأنه "دعوة" لاستنساخ تجارب دولية وصفها بالفاشلة وعودة لسنوات حكم العسكر في ليبيا.
وأضاف عماري للجزيرة نت أن هذه التصريحات غير رسمية، داعيا القطراني إلى الإعلان عن استقالته بمبررات إذا كان الاتفاق السياسي ينهار كما يدّعي.
وأكد أن نصوص الاتفاق السياسي لا تتضمن موعدا لانتهاء عمل حكومة الوفاق، وأن استمرار الحكومة في عملها قابل للتمديد عاما آخر بعد منح الثقة من مجلس النواب حسب نصوص الاتفاق.
ويرفض عماري فكرة فتح الاتفاق السياسي لإضافة أو إلغاء أحد نصوصه بعد توقيعه ودخوله حيز التنفيذ، حيث أبدى تخوفه من أن يصبح الاتفاق عرضة للتعديل كلما تغيرت المعطيات على الأرض، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي نفسه عاجز عن الضغط على الطرف المعرقل الذي يرفض الانضمام للاتفاق السياسي.
مقترحات التعديل
لكن النائب بمجلس النواب أيمن سيف النصر يرى أن قبول مقترح إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي وإيجاد مؤسسة عسكرية بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وعودة صفة القائد الأعلى لمجلس النواب، قد يخرج البلاد من أزمتها الحالية على الأقل.
ورأى سيف النصر أن شخصية حفتر تحظى بتأييد سياسي وآخر شعبي، ولا يمكن استثناؤه من المشهد، ورفضه يعني رفض المنطقة الشرقية بالكامل، محذرا من الدخول في فوضى لا تحمد عقباها، يدفع ثمنها الجميع.
ولفت النائب بمجلس النواب إلى أن المجتمع الدولي لديه خلافات حول تقرير مصير ليبيا، خاصة بعد فوز ترمب وإمكانية فوز التيار اليميني في فرنسا وانشغال بريطانيا بمسألة خروجها من الاتحاد الأوربي، مشيرا إلى أن العالم لن يقدم الدعم لليبيا حتى يتفق الليبيون على إيجاد حل لمشكلتهم.
موقف الغرب
من جانبه، قال المحلل السياسي أحمد الروياتي إنه لا يوجد خيار أفضل من التمسك بالاتفاق السياسي والتأثير على الرافضين له، مشيرا إلى أن الغرب يتعامل بمرونة مع أطراف الصراع العسكري في محاولة لاستقطاب الجميع.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأميركية تدعم حكومة الوفاق من خلال مساعدة قوات البنيان المرصوص، في المقابل لا تصنّف حفتر بجيشه خارج المشهد، وترى أن استعداءه سيجلب مزيدا من الفوضى.
ويرى الروياتي أن مجلس النواب يضيع الوقت لتمرير مشروع "لعسكرة" البلاد بقيادة حفتر من خلال التسويق لشخصه دون احتواء الجميع، موضحا أن الاستقطابات السياسية أفشلت أي توافق حقيقي بين الأطراف السياسية؛ فكل طرف يعتقد أن بإمكانه التغلب على الطرف الآخر.
ولا ينصح الروياتي بخوض انتخابات مبكرة في هذه الفترة، لعدم وجود راع رسمي لها في ظل الانقسام السياسي بين الشرق والغرب، إذ لا يمكن ضمان سيرها بنزاهة وشفافية، محذرا من أن فشلها سيدخل البلاد في متاهات أكبر.
المصدر : الجزيرة