فيما بدأت بعض الدول تنفيذ ما توصلت إليه أوبك بشأن خفض إنتاج النفط، تتجه الأنظار إلى قائمة المستفيدين من هذا الاتفاق، حيث تأتي دول وصناعات على رأس القائمة.
وجاء هذا الاتفاق بعد سلسلة من المشاورات التي امتدت على مدار أشهر عدة، وفشلت سابقا في إقرار خطة لتقليص فائض المعروض بالسوق نظرا لخلافات ومخاوف لدى أعضاء المنظمة، إلى جانب نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، بحسب تقرير لموقع "أويل بريس".
وبينما تسبب ارتفاع مستويات الإنتاج والتصدير خلال السنوات الماضية في إضعاف تنافسية الولايات المتحدة، كان لذلك تكلفة دفعتها بعض البلدان التي أدركت مؤخرا أن الاضطراب الاقتصادي وتضخم الديون جاء نتيجة وفرة المعروض العالمي من النفط وانخفاض أسعاره.
وكان من بين المدافعين عن اتفاق خفض الإنتاج كل من نيجيريا وفنزويلا، اللتين تعتمدان على أسعار النفط المرتفعة لإنعاش الاقتصاد، وبالنهاية سيكون هناك مجموعة من المستفيدين على المستوى الاقتصادي من هذا الاتفاق، لكن كل هذا يطرح تساؤلا مهما أيضا ألا وهو: إلى متى يستمر التوافق داخل "أوبك".
على رأس قائمة المستفيدين من خفض إنتاج النفط تأتي صناعة النفط الصخري الأمريكي، حيث كافح منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة للاستمرار أثناء انخفاض الأسعار على الصعيد العالمي خلال السنوات الماضية.
وانخفض إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى 8.58 مليون برميل يوميا في سبتمبر/ أيلول الماضي من 9.6 مليون برميل يوميا في أبريل/ نيسان عام 2015.
ومن المتوقع أن يسهم ارتفاع الأسعار في تشجيع إعادة منصات التنقيب عن النفط في البلاد مع تحسن الجدوى الاقتصادية.
في المرتبة الثانية بقائمة المستفيدين تأتي إيران، ففي الوقت الذي ستتحمل فيه دول الخليج العربي العبء الأكبر من خفض مستويات الإنتاج، فإن الحد الأقصى المفروض على طهران يفوق مستوى الإنتاج الحالي لها.
حيث حددت "أوبك" مستوى إنتاج إيران عند 3.975 مليون برميل يوميا، بينما بلغ إنتاج البلاد النفطي في أكتوبر/ تشرين الأول نحو 3.7 مليون برميل يوميا. ووفقا لهذا الاتفاق فإن بمقدور طهران زيادة إنتاجها والحصول على جزء من الحصة السوقية للإمارات.
وشددت إيران معارضتها لمحادثات "أوبك" لخفض الإنتاج في السابق حيث كانت تتطلع للمزيد من عائدات النفط والاستثمار الأجنبي في مجال البنية التحتية للطاقة عقب رفع العقوبات الدولية. فيما تحقق الموافقة على اتفاق "أوبك" رغبات إيران في مواصلة استغلال الفرص المتاحة لتصدير الطاقة.
في المركز الثالث حلت الصين، حيث أنه في عام 2013 كان ما يقرب من ربع الواردات النفطية الصينية تأتي من السعودية، ما جعل المملكة أكبر مصدر للصين، لذا سعت بكين لتنويع مصادرها، أما اليوم فقد تراجعت واردات الصين من النفط السعودي إلى 11.8% من إجمالي الواردات النفطية، وهو أدنى مستوى منذ عام 2007.
ومع تحمل المملكة أكبر حصة خفض بين المنتجين والتي تصل إلى 486 ألف برميل يومياً، قد تضطر الصين لتسريع بحثها عن مصادر بديلة للطاقة.
في المركز الرابع للمستفيدين تأتي قائمة الدول المنتجة التي تعاني اضطرابات داخلية مثل نيجيريا والجزائر وليبيا وفنزويلا، حيث عانت هذه الدول بشدة أثناء انخفاض أسعار النفط، ففي ظل تخمة المعروض العالمي واجهت هذه البلدان صعوبة في تحقيق عوائد من الاستثمار وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي عبر قطاع الطاقة.
وتم استثناء ليبيا ونيجيريا من اتفاق خفض الإنتاج، وهو ما يمنحهما فرصة أكبر للاستفادة من تحسن أسعار النفط، لكن إلى متى يستمر اتفاق "أوبك" بخفض إنتاج النفط؟
وزير النفط السعودي السابق على النعيمي قال إن اتفاق "أوبك" يمكن أن ينجح إذا التزم الجميع بتطبيقه، مؤكدا أن البعض يميل إلى الغش، فيما تساعد خطة خفض الإنتاج على إعادة التوازن لسوق النفط، لذا الحفاظ على شروط الاتفاق يجب أن تكون ضمن أولويات كافة الأعضاء.
وسوف يستفيد أعضاء أوبك من الاتفاق لكن من غير المرجح قدرة المنتجين على الدفاع عن ارتفاع الأسعار على المدى الطويل والمتوسط، لا سيما في ظل العلاقة الجيوسياسية بين السعودية وإيران.
لكن قلق السعودية بشأن حصتها السوقية كان سببا رئيسيا في تحديد سياسة "أوبك" خلال السنوات الماضية، وربما يكون عاملا أساسيا أيضا بعد إقرار خطة خفض الإنتاج وهو ما قد يدفع المملكة لإعادة النظر في موقفها فيما بعد، وتؤثر احتمالات استفادة إيران من تراجع الحصة السوقية للمملكة في تعقيد المشهد، لا سيما في ظل القلاقل التي تثيرها طهران في المنطقة.