حدث ذات مرة أن حضرتُ عرسا في أحد "آدوابه" الحدودية، و من غريب عادات صديقات
العروس هنا أنهن لا يطلبن من "العادة" أكثر من مائة أوقية.... نعم.. مائة أوقية فقط..!
الأغرب من ذلك و الأطرف أن أصحاب العريس ـ أثناء التفاوض ـ مستعدون لدفع مائة ألف أوقية، على ألا يدفعوا المائة أوقية.. لكن صديقات العروس وبعض النساء ,وخاصة "الكهلات" منهن رفضن.. لأنهن لا يردن غير المائة أوقية..!
فشل التفاوض إذاً ، لتبدأ رحلة البحث عن العادة مائة أوقية..!
ركب أصحاب العريس على ظهور الخيول فرادى، وفي السيارات جماعات، وانطلقت المواكب، أكثر من ثلاثين "أفكراش" يبحثون عن العادة المائة أوقية..!
بعض السيارات اتجه صوب عاصمة المقاطعة، والبعض الآخر إلى عمق الأراضي المالية المجاورة.. في حين اتجه الخيالة إلى بعض المراكز التجارية القريبة ( الاسواق ).
شخصيا كنت أفكر بصمت، و أتهم النسوة بالبلادة والغباء ,فكيف يرفضن مائة ألف أوقية مقابل مائة أوقية؟ قد يعجزون عن جلبها، نظرا لكثرة ما سيكلف الحصول عليها..
فها هي أكباد الخيل تضرب، و سيارات عابرة للصحاري، و عشرات الرجال... و مع ذلك ,فإن الله وحده يعلم ,هل ينتصر الرجال في جلب عادة النساء، أو يلحقهن عار الهزيمة أمام العادة النسائية..؟
لم يفكر الناس من حولي فيما كنت أفكر فيه، ربما لأنني الوحيد الغريب بينهم.. كانوا يضحكون.. و في غمرة الفرح ساهون لاهون..
انقسمموا في الرأي الى نصفين ,البعض يقول بقدرة الشباب على جلب المائة أوقية، و البعض الآخر يقول بفشلهم ( بناء على تجارب سابقة )...
لا شك أنكم تساءلتم عن سر المائة أوقية..! سأخبركم و لكن دعونا أولا نرى ما فعل جيش العريس لجلب العادة "المائة أوقية..".
بعد ثلاث ساعات ـ أو تزيد ـ من الانتظار، لاح في الأفق البعيد أحد الفرسان الأشاوس المغاوير....تسابق إليه أطفال أدباي.. ها هو ذا يقترب رويدا رويدا.. هذا فلان عرفوه باسمه ووسمه..!
خرج الحضور لاستقباله في صفين أحدهما للرجال و الآخر للنساء..
تعالت الصيحات، و الزغاريد.. بدأ بعضهم يغني أغاني فلكلورية.... شيئا فشيئا بدأت تنتظم، لتشكل مع التصفيقات والرقصات لوحة فنية رائعة، تطبعها الشعبوية و العفوية معا...
فجأة دوى أنفجار قوي، فزعت "انخلعت"، تبعه ثاني فثالث.. إنها طلقات نارية..
هدأ روعي، ألتفتُ إلى الفارس و تجاهلتُ مظاهر الاحتفال من حولي لأستنطق ملامحه، هل غنم المائة أوقية ؟ رأيته يبتسم، و هذا أمر عادي.. هو أيضا لا يطيل النظر في أعين الناس فهو يغض طرفه إلى أسفل، قلت في نفسي لعله الحياء.. هو أيضا لا يلوح بيديه كما يفعل الظافرون.. دخلنا الخيمة، و انتهى الأستقبال السريع.. بعدها أكد أنه لم يجلب شيئا...!
تتابع مجيء الخيالة والسيارات بعد ذلك، و تم استقبالهم بنفس الطريقة... و بعد اكتمال حضورهم بدءوا ما يعرف عند الباحثين عن العلك ( العلاكة ) ب"إتصاب لملاكيط"..
هنا سأخبركم سر المائة أوقية :
تابع بقية القصة الغريبة والطريفة من هنــــا