تضاربت الأنباء حول الهجوم الذي وقع الأربعاء الماضي، على الموانئ النفطية في الشرق الليبي، ففي حين اتهمت قوات حفتر -المسيطرة فعليا على الموانئ حاليا- وزارة الدفاع في حكومة الوفاق بأنها وراء الهجوم؛ نفت الأخيرة أي علاقة لها بهذا التصعيد العسكري الذي تم صده، وإبقاء الوضع على ما هو عليه.
وقالت الوزارة في بيان لها عقب الهجوم، إنه "جرى تكليف المدعي العام العسكري بفتح تحقيق بشأن خلفيات وملابسات الاشتباكات التي وقعت في منطقة الهلال النفطي".
وأثار هذا الهجوم ردود فعل غاضبة داخليا ودوليا، وسط حالة تخوف من إقحام النفط الليبي في التناحر العسكري، وهو ما يعني خسارة كبيرة لمصدر الدخل الوحيد. وأثار الهجوم تساؤلات حول الجهة التي تقف وراءه بعد تنصل الجميع منه، ومن هو المستفيد منه؟ وهل هو حقيقي أم مفتعل من قبل قوات حفتر؟
مصلحة حفتر
وقال المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، إن "المستغرب في الأمر كله؛ هو تنصل رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج من العملية، رغم أنه سبق وكلف وزير الدفاع المفوض المهدي البرغثي بتحرير الهلال النفطي، بعدما تمت السيطرة عليه من قبل قوات تابعة لحفتر".
وأضاف لـ"عربي21": "حتى الآن؛ لا توجد معلومات كافية بخصوص هذا الهجوم ومن خطط له، وهذا يدخل ضمن حالة الإرباك التي تعيشها ليبيا، وهي حالة تصب في مصلحة حفتر ومشروعه الانقلابي".
من جانبه؛ قال المحامي الليبي طاهر النغنوغي، إن "الهجوم كان من دون سابق إنذار، من قبل قوات حاولت السيطرة لفرض نفوذها على أرض الواقع، وهذا هو ذاته الذي يجري في ربوع ليبيا كلها".
وأضاف لـ"عربي21": "كل الجهات تعلم منفذي الهجوم، إلا أنها تتبرأ منهم حتى تثبث أنها ليست طرفا في إشعال الأزمة، ولو أن هذا الهجوم لم يفشل؛ لسارع الجميع إلى تبنيه؛ من أجل كسب أرضية جديدة، وأوراق إضافية للتفاوض".
حسابات شخصية وسياسية
من جهته؛ قال الناشط السياسي في بنغازي، فرج فركاش، إن "هناك ما يشير إلى تكليف وزير الدفاع في حكومة الوفاق، المهدي البرغثي، آمر الغرفة التي تأسست في منطقة الجفرة، العميد بوقويطين، بالشروع في هذا الهجوم، بالتحالف مع مجموعات تابعة لآمر حرس المنشآت النفطية، إبراهيم الجضران، وسرايا الدفاع عن بنغازي".
وأضاف لـ"عربي21" أن الهدف من الهجوم "تصفية حسابات شخصية وسياسية"، مؤكدا أن "هذه الخطوة منحت نصرا لخصوم حكومة الوفاق، وليس أمام السراج إلا إقالة وزيره، أو الاستقالة والاعتراف بأنه لا يستطيع إدارة المركب الرئاسي الذي فيه تسعة رؤوس؛ كل رأس يسبح ضد تيار الآخر".
وقال مدير مركز البيان للدراسات السياسية في ليبيا، نزار كريكش، إن "الجزم بحقيقة ما يجري مغامرة، فكل طرف يخفي جزءا من الحقيقة".
واستدرك: "لكن ليس هناك شك في أن ليبيا بلد مفتوح على مصراعيه للمرتزقة والإرهابيين والقوى الدولية، وأن صراع النفط دخل في إطار هذه الحسابات".
وأضاف لـ"عربي21" أن "مجلس النواب يستخدم الإرهاب والقوى الخارجية لبسط سلطته، بينما تسعى قوى أخرى في الغرب الليبي إلى شرعنة تحركاتها بمظلة المجلس الرئاسي، وما لم ييأس الجميع من الحسم، ويخجل الداعمون بالسلاح من أنفسهم؛ فسيستمر الصراع المسلح بنكهة الاتفاق الأممي".
من جهته؛ قال الصحفي الليبي، مختار كعبار، إن "الهجوم كان مدبرا، وهدفه جر المقاتلين التابعين لوزارة الدفاع إلى أرض مفتوحة، حتى يتم قصفهم بالطائرات، ثم يلتف حولهم مرتزقة تشاديون وسودانيون من تنظيم العدل والإحسان".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الغرب لن يسمح بإقحام النفط في الصراع الدائر؛ لأنه لا يريد أن تكون موارد النفط في يد أي طرف ليبي حتى تتم تسوية يقبلونها، وأيضا لإطالة الأزمة، فالغرب ليس مستعجلا على حل المشكلة الليبية".