لا شك أن موريتانيا علي موعد مع استحقاق جدّ مهم يُعِّلق عليه الجميع عديدَ الآمال مع رجاء أن يجريّ في ظروف لا تجعل منه سببا في زيادة الشحناء السياسية التي يري البعض أنها بلغت أوجها إن لم تكن زادت عليه .
فمن جهة يقدَم النظام مرشحا ويسمَي وزيره الحالي للدَفاع محمد ولد الغزواني الذي يعدُّ فاعلا أساسيا واكب كافة التغييرات ذات الطابع العسكري والمدني علي حدّ سواء .
ومن جهة أخري يُشاع ترشيح الوزير الأوَل السابق مولاي ولد محمد لقظف وهو أيضا عارف وعن عمق بمجريات الأحداث منذ تولي الرئيس عزيز زمام الأمور في الجمهورية الإسلامية .
إن تبني مرشَّحَيْنِ أمر مستساغ بغرض تحصين الناخبين فلا تُفتَح فرصة التملّص بأية حجة فمن يكن غير راض عن هذا لأي سبب ينتخب ذاك وليكون الموعد الشوط الثاني إن احْتيجَ إليه .
لا جرم في تكاتف كلّ الجهود عبر الدّفع بالّرجال المخلصين للنظام ,لا يهم هنا طابعهم المدني ولا خلفيتهم العسكرية بل المردّ على أن نحافظ على ديمومة عافية الوطن .
إن ما يصبو إليه كلّ رشيد يحمل الهم العام هو أن لا يصل التجاذب السياسي حدّ الانفجار خاصة في ظرف يسعي فيه بعضنا إلي توجيه تنوّع الأمّة توجيها سفيها يفتّت ولا يجمع .
ثم إنّ رجالات الدولة الذين وكل إليهم التسيير إبَان الضّيقات لا يُعقل بل ليس من الحكمة أن نحْجز لهم مقاعد في الهامش بل لا بدَ من الاستفادة من خبراتهم خاصة أن الملفات الوطنية والدّولية كثيرة.
إن وضع أية أمَة في الظروف المماثلة لا تكفيه فطنة آحاد بل لا بدَ من تضافر جهود الجميع كلٌّ بالذي يستطيع سهرا على النسيج الاجتماعي من الضّياع .
ولا ينبغي بأي حال ترك المفسدين يغتنمون ظروف الفوضى السياسية فيتدخل الطامعون لأجل مروق بعض الأطراف عن المشاركة حسدا منهم وليلا يحصل إجماع .
ولأن العوامَّ أكثرُ شجاعة من النخب تراهم يتمّ استغلالهم في كلَ حين كلّما تهيّأ للبلاد خوض استحقاقات مهمّة لتعكير وتكدير المناخ العام .
وإذا كان الإجماع منعقدا علي ضرورة تجديد السلطة السياسية ممثلة في رئيس الجمهورية احتراما لزمن المأمورية فذلك لا يناقض استمرار النهج من خلال الأوفياء للنظام وهذا ما يعبَر عنه بالتجديد في ظلّ الاستمرار.
فالرّجلان المهيّئان( للخلافة ) بأيهما نصنع التغيير يكون الاستمرار وهذا يلبي رغبة المجتهدين في التمديد الذين بزعمهم يمثلون طبقة عريضة.
ولأن الوقت يمرّ بسرعة فقد بات علي المرشحين التقدّم أمام الشعب ليمكنوه من الوقت الكافي للاجتهاد في الاختيار قبل ضغط الزمن القانوني.
إن من شأن التجديد وإن شئتَ التّجدّد وهما بمعنى واحدٍ في أعلي هرم الدولة في ظل الاستمرار والاستقرار تلبية قضايا جوهرية فمن جهة يتم احترام الآجال وتُمنح المعارضة فرصة ومن جهة أخري نُظهر للعالم أننا نحتل مكانا متقدّما في ما بات يعرف بديمقراطية العالم الثالث التي بطبيعة الحال فيها ما يُقال .
لقد بات علي العقلاء من المعارضين والموافقين استغلال المتاح من الديمقراطية لأنه بالمحصِّلة لا يدوم حكم بل التبديل ظاهرة كونية منسحبة علي كل الأمور والأفضل المراهنة علي الزمن لا على المقاطعة والمجابهة.
وقد مقاطعة والمجابهة . يضغط الزمن القانونيقلا نحتاج تقديم الأمثلة:العراق وسورية والجماهيرية العربية الليبية واليمن وقد تطول اللائحة.
ألا ترون معي أن أمتنا العربية وحدها هي الممزقة أيّ ممزّق وأن الصناعات العسكرية إنما أُعِدَتْ لنا ليقتل بعضنا البعض.
لئن كان التغيير في ظل الاستقرار منهجا سياسيا معروفا فان التغيير في ظل لاستمرار هو الآخر صناعة سياسية تدل علي عمق في التفكير فمن جهة تفتح الباب أمام التبادل السلمي للسلطة ومن جهة أخري تسمح باستمرار النهج الذي يري المدافعون عنه أنه أهل لذلك .
أدام الله عافيته علي الجميع ...
محمد يحيى ولد العبقري