لا جدال في أن مهمة تأمين أرواح المواطنين وممتلكاتهم تقع أساسا على عاتق إدارة الأمن. وأن هذه الأخيرة عليها أن تضاعف الجهود لتحقيق مهمتها في ضبط الأمن وحماية المواطنين من سطو عصابات الإجرام والقبض عليها خاصة تلك العصابة التي قامت بجريمة قتل الشاب ولد برو رحمة الله عليه.
لكن مهمة الأمن رغم ما تتمتع به من حيوية وأهمية ورغم صدق وجدية القائمين على إدارة الأمن العام و مع ما يشهده الجهاز من تطور إلا أن الإرادة والمهنية لا تكفيان وحدهما مالم تتضافر معهما مجموعة من العوامل الأساسية والتي من أبرزها :
ولا تفعيل دور القضاء: إن دور العدالة في تحقيق الأمن أساسي وبدونه ستظل المقاربة الأمنية عرجاء. فعدم تطبيق القانون في المجرمين عامل أساسي في ما تشهده البلاد من انفلات أمني وانتهاك لحقوق المواطنين. فكيف بجهاز من المفترض به معاقبة كل مجرم حسب طبيعة جرمه أن يتحول لنافذة يخرج منها كل من قبض عليه من طرف الشرطة متلبسا أو من خلال بحث وتحري شاقين بعد أن نفذ جرمه. إننا وفي هذه الحالة لا بد من التذكير أن مهمة قوات الأمن هي محاولة منع الإجرام أما بعد وقوعه فتنتقل المهمة للبحث عن الجاني وتسليمه للجهات القضائية
. ثانيا : إعادة الشرطة للميدان إن تكليف جهاز أمن الطرق حصرا بضبط المرور و حركة السيارات في العاصمة انواكشوط أبعدت جهاز الشرطة عن الميدان ما حد من فاعلية هذه الأخيرة في المتابعة والرصد لكل مشتبه به في الوقت والمكان المناسبين. إن جهاز قوات أمن الطرق لا يتمتع بالخبره والمهنية اللازمتين لقيامه بدور الشرطة الأمني.
ان هذا التداخل في الاختصاص بين هذين الجهازين مع ضعف التنسيق بينهما خلق ثغرة للمجرمين استفادوا منها في عملياتهم الإجرامية، ومنحتهم هامش مناورة صعب من مهمة التصدي لهم والقبض عليهم من طرف الجهات الأمنية المختصة. وعليه فإن البحث عن آلية تضمن تفادي هذا التداخل في الإختصاص بين الجهازين، أمر في غاية الإلحاح.
ثالثا: محاربة السلوك البدوي للمواطنين إن الطبيعة البدوية التي ما زالت تحكم سلوك الكثير من المواطنين لها عامل كبير في ما نشهده من انتشار للجريمة في بلادنا. ليس من المعقول وفي القرن الواحد و العشرين وفي عاصمة مترامية الأطراف أن يكون تعاملنا من منطلق المنزل المشرع الأبواب لكل من هب ودب دون أدنى حد من التحفظ .
فكيف لمجتمع أن يطمع بالأمن وهو ما الله يشغل كل من دق بابه دون أن يبحث في سيرته هل هو صاحب سوابق إجرامية أم لا ؟ . لا بل إن بعضنا لا يسأله حتى عن بطاقة تعريفه. ثم أليس من المستغرب أن تشاهد تاجرا في سوق يعج بأصحاب السوابق وهو يحمل كيسا مليئا بالنقود دون أدنى شكل من التحفظ؟ إن مجتمعا ما زال بهذه البداوة في السلوك والتعامل ليس من حقه التباكي على أمن هو المسؤول الأول عن فقدانه.
ورغم كل هذه المشاكل السالفة الذكر إلا أن جهاز الأمن شهد تطورا كبيرا في عهد الفريق محمد ولد مكت على الصعيدين الداخلي و الخارجي . تمثل ذلك في فتح باب الاكتتاب بعدما كان متوقفا، كما تم التحسين من الظروف المادية لأفراده بالرفع من علاواتهم وتم إنشاء صندوق اجتماعي خاص بجهاز الأمن . هذا إضافة إلى التكوين و التأطير لمنتسبي الجهاز، ورد الاعتبار لعيد الشرطة بعدما كان متوقفا قبل ذلك ، وهي خطوة مهمة في الدعم المعنوي لجميع أفراد سلك الأمن. لذا فإني أرى من غير الإنصاف تجاهل هذا التطور الكبير و الإنشغال عنه بأمور لا تخدم الاستقرار و السكينة، كما أن تحميل هذا الجهاز مشاكل متشعبة الأسباب لا يمكن إخراجه من سياق التحامل على قيادة الإدارة العامة للأمن وانتهاز الفرصة لتصفية الحسابات السياسية معها. بقلم موسى ولد سيدى حمود