صيغة الامر التي كلم بها الخالق نبيه، توضح أمرين، أولهما قدسية المكان الذي أراد دخوله نبيه موسى (عليه وعلى نبينا واله الصلاة والسلام)، والأخر عدم معرفة النبي لمكانة هذا المكان، لذلك كلمه سبحانه لينبهه لما هو مقدم عليه.
العراق من الأماكن التي تسعى أغلب دول العالم للحصول على موطئ قدم فيه، فتجدها مرة تحاول بسط نفوذها العسكري، كما تفعل أمريكا وتركيا، وأخرى تحاول بسط نفوذها السياسي، من خلال التدخل في شؤونه وقراراته ومحاولة توجيه الحكومة الوجهة التي تحقق مصالحها، كما يفعل جميع دول الجوار للعراق.
لم يعد خافيا على أحد، أن هناك صراع إرادات، بين أمريكا وحلفائها من دول الإقليم، وبين إيران وحلفائها من الإقليم أيضا، وكلا الطرفين يعتقد، أنه لا يمكنه كسب المعركة، الا من خلال نفوذ قوي في العراق.
الغريب أن جميع الأطراف المتصارعة، تعلم بأهمية العراق، الا ساسة العراق لا يعلمون ذلك.. فتجدهم يقبلون بالحلول الخارجية، التي تراعى فيها دائما مصلحة بلدانهم قبل كل شيء، مستصغرين شأنهم، معتقدين ان الجميع أفضل منهم، لذلك تجد كل طرف فيهم يميل لجهة او محور معين.
حاولت المرجعية الدينية، في أكثر من مناسبة، تقديم النصح اليهم، وافهامهم بأن العراق هو الطرف الأقوى في المنطقة، ان أراد ساسته وشعبه ان يجعلوه كذلك، لكن دون جدوى.. فلم يستمع ويطبق كلامها الا القليل منهم، حتى قالت في احد خطب الجمعة من خلال ممثلها في الصحن الحسيني الشريف( يأبى البعض الا ان يكون ذيلا)
ان عدم إدراك كثير من الساسة لأهمية الدور العراقي الدولي والإقليمي، جعل المرجعية تتدخل بالشأن السياسي العراقي، وبصورة مباشرة للمرة الأولى من بعد فتوى الجهاد الكفائي، من خلال حديثها مع ممثلة الأمم المتحدة، بعدم إمكانية ان يكون ساحة لتصفية الحسابات، او منطلق لاعتداء دولة على دولة أخرى.
هناك دعوات وان كانت خجولة، ليلعب العراق دور وسيط بين دول المنطقة المتخاصمة" إيران والسعودية"، وهي محاولة قام بها قبل عدة سنوات السيد مقتدى الصدر، ولم تلقى إذنا صاغية من كلا الدولتين، وأخرى طرحها السيد عبد العزيز الحكيم، ولا زال يتبناها السيد عمار الحكيم، فيما كان السيد اياد علاوي دعوات متكررة للتهدئة، وإمكانية لعب دور الوسيط بين أمريكا وإيران.
تبقى هذه الدعوات فردية وغير مجدية، ان لم يشعر جميع الأطراف، ان هذه الدعوات تمثل رأي الحكومة العراقية، وأن العراق يرفض ان يكون طرفا في الصراعات القائمة في المنطقة.
فهل شعر ساسة العراق، انهم في وادي العراق المقدس؟.. وأنهم يجب أن يخلعوا ولائهم لغير العراق، ويكونون سببا في استقرار بلدهم والمنطقة برمتها!
لا زلنا نأمل ذلك...