قد لا يروق للبعض حكم البلد من طرف شخصية وطنية ذات خلفية عسكرية لأن ذلك يجسد بالنسبة لهم استمرارا لحكم العسكر و توارثا للعرش ، و يرى أصاحب هذا الرأي و هذا المنطق أن الديمقراطية تعني قيادة البلد من طرف شخصية مدنية ، و أن التناوب السلمي على السلطة يعني تناوب الشخصيات المدنية و أن هذه الأخيرة أصلح و أجدر بالحكم .
و الحق أن هذا المنطق و هذا التصور من وجة نظري مخالف للواقع جملة و تفصيلا ، ذلك أن التجربة أثبتت نجاعة و حكمة الشخصيات التي خرجت من رحم المؤسسة العسكرية ، خاصة إذا علمنا أن البلدان اليوم تحتاج للأمن و الاستقرار أكثر من أي شيء آخر ، فالملف الأمني اليوم هو الأهم في الأجندة الدولية و باتت الدول تصارع من أجل أمنها الداخلي و أمن حدودها في ظل انتشار التنظيمات الإرهابية المتطرفة و شبكات التهريب و الجريمة المنظمة .
و لا يخفى على أحد أن التنمية لصيقة بالأمن فلا تنمية في غياب الأمن ، و خير من يؤتمن هنا هم أهل مكة العارفين بشعابها المستنيرين في أزقتها و هم الأصلح لهذا الأمر و قد خبروه و عرفوا خفاياه ، و الحقيقة أن الخلفية العسكرية نقطة مضيئة و وسام شرف لأي شخصية وطنية تسند لها مهمة قيادة البلد .
و ما كانت المشاريع الكبيرة التي تحققت في البلاد على جميع المستويات إلا بفضل المقاربة الأمنية التي رسمها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ، نظرا لتجربته و خبرته الواسعة بهذا المجال ، تلك المقاربة الأمنية التي أبعدت شبح الإرهاب و ظلت بالمرصاد لشبكات التهريب و الجريمة المنظمة ، و استطاعت بلادنا بفضلها صدارة الدول الإقليمية أمنيا و أصبحت هذه المقاربة مثالا يحتذى به في العديد من البلدان .
و مع ذلك لم تسلم هذه الخطة الأمنية التي إعتمدت على استيراتيجية الهجوم قبل الدفاع من إعتراض الغوغائية و الساسة المتغطرسين في الأيام الأولى من تنفيذها ، و كانت حجة ذلك الإعتراض أنها حرب بالوكالة و قد تبين لهم لاحقا أن الأمر ليس حربا بالوكالة بل تأمين البلد الذي كاد يكون وكرا و حضنا آمنا للإرهاب قبل مجيئ النظام الوطني القائم ، و تبين كذلك أن تلك الحملات و التشويش لم تعدو كونها ضجيج السياسية خاصة أن نخبتنا للأسف الشديد لا تفرق في سجالها السياسي بين الأهداف الوطنية و الشخصية .
و لمواصلة المشروع الوطني كان لا بد من اختيار شخصية وطنية ملمة بالملف الأمني و قادرة على مواصلة المسير ، و بإختيار معالي وزير الدفاع الوطني محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني تجسدت الشخصية التي نبحث عنها في الأغلبية ، و هو من واكب التغيير منذ طلوع فجره صبيحة الثامن من أغسطس سنة 2008 إلى اليوم ، و أحد حملة أوسمة الشرف المؤتمنين على هذا البلد ، ولم يبق أمام المخلصين من أبناء الوطن إلا رص الصفوف و العمل على نجاحه بنسبة كبيرة تعكس حجم الإلتفاف وراء المشروع البناء الذي أرساه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ، بهذا فقط يستمر العطاء و يواصل بلدنا خطاه الثابتة نحو غد أفضل .
ذ/ محمد السيد كلاي / برلماني سابق