حبّذا لو لم أكتب ولم أتفطّن إلى المعاني العميقة لدلالات الاستجابة الكبيرة لدعوة المسير التي قدّمتْ أكثر من درس لعديد الجهات فأريحَ النفس وقد علمت أنّ قومي لا يولون المكتوب أيّ اعتبار.
إنّ آخر عهد لي بالأربعاء كان مع حديث الأربعاء لطه حسين في أيّام الجامعة التي يغلب علي الظّن الذي بعضه إثم أن دروسها وجمالها أصابها الكثير.
لا أظنّ أنّ أحدا اعتقد أنّ ردّة فعل المواطنين واستجابتهم ستكون بهذا المستوي من العدد والتنوّع حيث لم تستثن فئة ولا جهة ولا لسانا.
ولا يبدو أنّ المنجّمين من جهتهم قد جاءهم من الأخبار ما مفاده أن اليوم ذاك مختلفٌ عن باقي أيّام الأسبوع المألوفة .
لقد كان الجوُّ باردا وأمكنَ الاعتذارُ بدرجة الحرارة وكان الوقت هو الآخر باكرا يُمكن اتخاذُه سببا في التّكاسل عن الجري ,المسافة لطولها أيضا تبعث علي التردّد وخاصة مع الذين لم يتعوّدوا الريّاضة في الصباح وما أكثرنا.
في مظهر عجيب تدفق الموريتانيون من كلّ حدب وصوب ومن كلّ مقاطعة ومن جميع القطاعات العمومية والخصوصية.
أظهرت الوجوه اندفاعا منقطع النظير وتفاعلا قلّ نوعه سلِمَ فيما يبدو من تأثير المشكّكين في الأهداف وفي النّوايا.
فهل هذا الأربعاء هو الذي بين الثلاثاء والخميس أم هو زمن آخر يصعُب فهمه لما حصل فيه ولما قد يوّفّر من الخير والسّكينة لنا جميعا ؟
لقد تأكّد للجميع أن الشعب وإن كان البعض يظنه ناقصَ الفهمِ أنه علي العكس يقدّرُ الأمور تقديرا صحيحا دقيقا ولا يسمح بالمساس بتلاحمه وتآخيه الذين هما رأس المال الحقيقي .
أدرك الموريتانيون-م ونحن منهم- أنّه إذا ما وقعت فتنة فلن تبقي ولن تذر وأجمل منه -وهم كرماء -أنهم لم تخدعهم الألاعيب وفي المأثور :الكريم إذا خادعته انخدع .
فهل فٌهمَ الدّرْسُ؟
إن التركيب للمجهول هذا ليس علي حقيقته بل هو استجابة لتراكيب لغوية ليس إلاّ والحقيقة أن من يخًصّهم الدّر سُ غير مجهولين .
والى جميع الموريتانيين وقد أبصروا و رأوا بأمّ العين أنّ الشعب مدركٌ مصالحَه عالمٌ حدودَها مكافحٌ من أجلها ومحافظٌ عليها إليهم أقول :
لا ندّعي أنّ كلّ شيء علي ما يرام لكن الأولي منطق الإلانة والمحاورة لا المبالغة في التنافر والدعوة للخصام السلبي .
إنّ الوقت لم يفتْ بعد ولا زال بالإمكان الالتحاق بالرّكب والاستغفار عن الزّلاّت فلننتهز الفرصة قبل فواتها وقبل أن تقول نفسٌ: وا حسرتاه علي ما فعلت في جنب قومي !
محمد يحيي ولد العبقري