شكلت مسيرة التاسع من يناير 2019 أكبر حشد دعت له الأغلبية الحاكمة بموريتانيا منذ فترة، لكنها أبانت بشكل صريح عن ضعف بعض المقربين من الرئيس، والحاجة إلى إعادة النظر فى بعض المحيطين به.
لقد بدت الصورة مرتبكة منذ البداية وظهر الرئيس وهو منزعج، وكان التنظيم رغم الحضور العسكرى الطاغى فى مقدمة المسيرة جد متواضع، وكادت المسيرة تصل إلى المطار دون أن يلتحق بها الرئيس، الذى اضطر إلى استغلال السيارة داخل الجموع من أجل الوصول إلى مقدمة المسيرة، وقيادة الحشد الذى كان يجب أن يلتحق به عند فندق "أزلاي" كما هو مخطط له.
لكن الأخطر فى المسيرة، والذى كشف عن رعونة بعض المحيطين بالرجل هو انهيار المنصة بشكل مفاجئ حيث لم يتفقدها مدير التشريفات أو لم يمنحها الوقت اللازم ولا الوزارة المسؤولة عن تشييدها، ولم يطلع على سير العمل فيها مدير ديوانه، ولم توفر لها الحماية اللازمة، رغم الحشود المتوقع وصولها للمكان، والساحة المفتوحة على اغلب الاحياء ذات الكثافة السكانية ( ساحة المطار) ونوعية الأشخاص المقرر صعودهم إلى المنصة، وهو ماكاد أن يؤدى إلى أسوء موقف تعيشه البلاد منذ استقلالها عن فرنسا 1960.
لقد أنهارت المنصة قبل وصول الرئيس بدقائق، وكان الموقف جد مزعج، لقد تحرك جنود الأمن الرئاسى باتجاه المنصة من أجل مواجهة الخطر الذى كان يتهدد أبرز صناع القرار فى البلد، وأهم المرشحين لخلافة الرجل، وأعضاء الحكومة، لقد كانت لحظة ضعف بالغة، ولكن الله سلم.
لقد كانت لحظة محزنة أن يغادر وزير للمشاركة فى نشاط يفترض أن تشريفات الرئيس اتخذت الإحتياطات اللازمة لضبطه، ويعود إلى المستشفى بدل العودة إلى داره، إنها الرعونة فى أبهى تجلياتها، والتلاعب بأرواح الناس على أصوله، والإهمال فى أوضح صوره، فهل سيتوقف الرئيس وصحبه مع الحادث؟ أم أرواح الناس هانت على البعض إلى هذه الدرجة؟ وهل سيظل الاستعراض البهلوانى هو المسيطر، واستغلال المنصب للعيش فى رفاهية دون تحمل أي مسؤولية، ولو كان الخطأ بحجم الهزة التى ضربت الحكومة اليوم الأربعاء؟.