المتابع للمشهد السياسي يلحظ من دون تفطّن عديد التعبير والتغريد والنشر والدعاية الكل لا يساهم في وحدة الأمّة بل في اتجاه معاكس تماما .
وإحسانا بالنية نفترض أن الجميع لا يستحضر السّوء في الذي يصدر عنه بل يعتقد أنه يعمل الخيرَ.
الظاهر أن النفوس بفعل فاعل أو فاعلين مهيأة لتلقف كل تصريح سلبا, فمن أوصلنا هذا المستوي من الشك فيما بيننا ؟
نعلم أن المواطن العادي له براء ة من الوضع غير العادي هذا والذي إذا لم يتم تداركه فقد يصعب علي السيطرة .
والذي عليه الجمهور أن المسؤولية تنصب لجهة السياسيين ,فهم لا يفرقون بين الاختلاف السياسي وغيره.
لقد غاب عن سياسيينا أن الاختلاف ظاهرة طبيعية وأنه وإن كان يتَّحِدُ مع الخِلاف في اللّفظ فمعناهما مختلف :الأول محمود ولا يُسلَمُ منه أمّا الثاني فعلامة علي أن شيئا ما غير مألوف يتهيأ .
لقد تعوّد رجال السياسية في الجمهورية الإسلامية ترديد أن تنوعنا يثرينا لكنهم كلما قرب استحقاق تناسوا ذلك ولجأ كل إلي استحضار المفردات الموقظة للأوجاع المنبهة علي النواقص وبدل العمل علي التهدئة قبل الحملات يستعجلون استخدام الكلام غير المساعد علي السكينة .
صحيح أن التنوّع مفيد إذا أحْسِن اسْتخدامُه فيكون كالعلم تتكاملُ فرضياتُه وقوانينُه أما إذا لم نُصلِحْ الاستخدام فلا شكّ أن التنوّع جاهز للاستغلال بأبعد ما يكون السّلبُ .
أما المفارقة الماثلة ففي أن يكون النوع واحدا فنقسّمُه إلي أنواع مع وحدة في الحضارة والثقافة والشخصية :هذا بالمعني المعهود المتواضَع للحضارة والثقافة لأن المعني العلمي لهما متداخل بل متطابق والمرجع دروس الجامعة .
إن اللّعب بالمصالح العليا سفه سياسي وأخلاقي والصّواب أن نبحث عن أرضية مشتركة من خلالها ندرأ الفتنة بالحوار البناء.
إنه كي نحقق وحدة وطنية كثيرا ماّ نادي بها الخطباء لابدّ من تنازل كلّ طرف عن شيء يراه حقا له –وقد يكون بالفعل حقا-مقابل تناغم سياسي ضروري لحياة الأمة .
نحن لا نطالب بنكران أحوال الناس ومطالبهم لكن نعتقد أن المراهنة علي الزمن أخْيَرُ من دعوات التفرقة التي قد تتسبب في التيه .
علينا أن لا نغفل عن كوننا نسكن جغرافيا غنية بدأت تُخْرِجُّ ما فيها وأن الطامع الأجنبي متربّصٌ ويودّ الدّخول بأقلّ الأثمان .
فعلي الجميع الابتعاد عن خلق الشرارة والاستماتة في التصورات والأفكار التى بها نتغلب بأيدينا على مشاكلنا فغيرُ مستحيلٍ أن نشخّصَ ونجدَ العلاجَ .
الصبرَ ...الصّبرَ ...المستقْبَلُ واعدٌ...
محمد يحيي ولد العبقري
أدام الله عافيته علي الجميع ...