ناقشت صحف عربية بنسختيها الورقية وإلكترونية تطورات الأوضاع في السودان في ضوء مظاهرات الاحتجاج على ارتفاع أسعار الخبز والوقود.
رأى معلقون أن السودان يشهد "عصراً جديداً" بينما حذر أخرون من "مؤامرة" وراء الاحتجاجات.
وأعلنت السلطات السودانية تعليق الدراسة في كل الجامعات وكذلك مرحلتي الأساسي والثانوي بولاية الخرطوم لأجل غير مسمى.
كما أعلنت السلطات في ولاية القضارف حالة الطوارئ وفرضت حظر التجوال من السادسة مساءا وحتى السادسة صباحا.
"عصر جديد"
قالت صحيفة العرب اللندنية إن الاحتجاجات المستمرة في مناطق ومدن سودانية شكلت "دفعة جديدة لقوى المعارضة التي كانت لوقت قريب تستشعر حالة من الهزيمة والضعف في ظل ضغوط دولية مكثّفة عليها، تطالبها بتقديم تنازلات لصالح نظام الرئيس عمر حسن البشير".
وفي صحيفة العربي الجديد اللندنية، حذر عبد الوهاب الأفندي من أنه "مهما تكن نتيجة المظاهرات... فإن البلد قد دخل، بتلك الانطلاقة، عصراً جديدا قد لا تتضح ملامحه إلا بعد فترة".
وفي موقع أمد الفلسطيني، كتب صالح عوض: "ما جرى في السودان الأيام السابقة يدعو الدولة السودانية إلى مواكبة التطورات وفتح مجالات عديدة لاستيعاب طاقات الشعب ومواكبة احتياجات الناس وتعميق الحريات السياسية والابتعاد قدر الإمكان عن العنف في مواجهة المحتجين".
وأضاف الكاتب: "لكن ينبغي إدراك أن السودان ليس وحده من تشهد عملته تدهورا ...نذكر بهذا لنقول إن هذه ليست الأسباب الحقيقية الآن في الحراك في السودان فلقد جرعتنا تجارب الربيع العربي غصصا من الخيبة واكتشاف الزيف في دعواي الغوغاء التي تحركها قوى لا تريد لبلادنا الاستقرار والوحدة".
زيارة البشير لسوريا
وربط ماجد حبتة، في صحيفة الدستور المصرية، بين زيارة البشير إلى سوريا وانفجار الاحتجاجات في السودان، حيث قال: "سأكتفى بالإشارة إلى أن الاحتجاجات، التى لها ما يبررها، ربما كانت نتيجة منطقية أو طبيعية لما يشهده الداخل السوداني من أزمات. وربما كان هناك، خارج السودان، مَنْ ضغط على 'زر' إشعالها".
بالمثل، قالت صحيفة القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها: "مقاليد السلطة ربما بدأت تتفلّت من البشير، وأن حيّز الاحتجاجات شمل أغلب فئات المجتمع السوداني وهو ما يضعف غريزة البطش لدى أدوات النظام للقمع ويفتح الباب، لو توفّرت الظروف المناسبة، لإمكانية حصول تغيير قد يخرج السودان من الاستعصاء الكبير الذي وضعه فيه النظام، اللهم إلا إذا قرّر البشير الاستفادة من 'دروس' نظيره السوريّ الذي قرّر تدمير بلاده فوق رؤوس سكانها للحفاظ على الكرسي، غير أن السؤال هو: هل تطاوعه النخبة العسكرية والأمنية الحاكمة؟"
وتبنى عبد الباري عطوان في صحيفة رأي اليوم الالكترونية اللندنية رأياً مخالفاً إذ قال: ""لا ننفي مطلقا النظرية التي تقول بأن السودان يواجه مؤامرات عناوينها الرئيسية زعزعة أمنه واستقراره وتفتيته"
لكنه يضيف "السؤال الأبرز الذي يتردد على ألسنة الكثيرين داخل السودان وخارجه، هو عن عدم التبصر بهذه المؤامرات مسبقاً، والتحرك مبكرا بالإقدام على تطبيق الحلول والإصلاحات الضرورية التي يطالب بها الشعب، والحيلولة بالتالي لنزوله إلى الشارع في احتجاجات الغضب التي نراها حالياً".
وأضاف الكاتب: "زيارة الرئيس البشير المفاجئة إلى دمشق في الأسبوع الماضي، ولقاؤه بالرئيس السوري بشار الأسد، باعتباره أول رئيس عربي يقدم على هذه الخطوة، جاءت متأخرة حتماً، وليس لها أي علاقة بالمظاهرات والاضطرابات التي تعم السودان حالياً، بل لا نبالغ إذا قلنا إنها ربما خففت من حدتها، بطريقة أو بأخرى، لأن الشعب السوداني في غالبيته يكن الكثير من الود لسوريا وشعبها".
ودعا الكاتب إلى أن "يتحرك أهل الحكمة والعقل لإيجاد إجماع ديمقراطي جديد، يحفظ للسودان مستقبله، ويقلل من تكلفة الاضطراب الذي يصاحب كل انتقال إلى نظامٍ مفتوح. يستتبع هذا عدم الركون إلى ترديد أن خطأ ثورات السودان السابقة كان في تسامحها وسلميتها وبُعدها عن الإقصاء، فقد كان ذاك سر نجاحها، وسر الحفاظ على كيان الدولة ووحدة البلاد".