حذرت صحف عربية من "نذر مواجهة" بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية بعد إعلان أنقرة عن هجوم مرتقب ستشنه في مناطق شرق نهر الفرات في سوريا.
وأشار معلقون إلى "حالة من الغزل المتصاعد" بين أنقرة ودمشق برعاية روسية.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن عن عملية عسكرية جديدة وشيكة ضد مسلحين أكراد، تدعمهم الولايات المتحدة، شمالي سوريا. وتعتبرهم أنقرة "إرهابيين".
ولطالما كانت أنقرة وواشنطن على خلاف بشأن سوريا، إذ دعمت الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما تعترض عليه تركيا.
"نذر مواجهة أمريكية - تركية"
وتشير "العربي الجديد" اللندنية إلى ما تسميه "نذر مواجهة أمريكية ـ تركية حول عملية شرق الفرات".
وتقول الصحيفة إن هناك "تسريبات عن تحذير أمريكي للمعارضة السورية من المشاركة في عملية كهذه، لتزيد التوقعات بعدم لجوء الجيش التركي إلى خيار اقتحام المنطقة التي يشكّل العرب السوريون النسبة العظمى من سكانها".
ويقول محيي الدين المحمد في صحيفة "تشرين" السورية إن "تهديدات أردوغان بشن عمليات عسكرية يركز على المناطق التي توجد فيها القوات الأمريكية المتحالفة مع ميليشيات 'قسد'" في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية.
ويرى أن "تبادل الأدوار بين أمريكا وتركيا والإرهابيين بات مكشوفاً للجميع...ما يعني أن محاولات تعطيل الحلول السياسية للأزمة في سورية قد تنذر بعواقب وخيمة يتحمل مسؤوليتها الأتراك والأمريكان وكل الدول التي تشارك في التحالف غير المشروع الذي تتزعمه واشنطن".
ويضيف: "إذا كان الساسة الروس ونظام الملالي الإيراني سينظرون بعين الرضا حيال عملية كهذه، كونها ستشكل حرجاً كبيراً للولايات المتحدة الأمريكية... إلا أن المحدّد الأساس لممكنات شن العملية العسكرية التركية هو الموقف الأمريكي الذي يفضل التحاور مع القادة الأتراك، لمنع أي تصعيد عسكري في مناطق توجد فيها قوات أمريكية، الأمر الذي سيفضي إلى إقدام الإدارة الأمريكية على خطواتٍ، تسهم في طمأنة الأتراك، مثل الفصل بين حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، وتسريع تنفيذ اتفاق منبج".
ويشير مازن جبور في صحيفة "الوطن" السورية إلى ظهور "مجموعة من التناقضات اللافتة: التناقض الأول، يتعلق بالموقف الأمريكي الذي ظهر من خلال موقف جيمس جيفري، من اتفاق أستانا للحل السياسي للأزمة السورية".
ويعتبر أن "هذا التغيير في الموقف إزاء مسار 'أستانا' يشير إلى أن واشنطن انتقلت من محاولات ضرب أستانا إلى السعي لأن تكون طرفاً فيه، ويمكن اعتبار هذا تمهيداً أمريكياً لأن تعود واشنطن إلى واجهة الحل السياسي في سوريا من بوابة 'أستانا'، باعتبار أن جيفري قد يكون توصل إلى نتيجة مفادها أن 'أستانا' أقصر الطرق وأقلها تكلفة وجهداً لعودة أمريكية إلى الملف السياسي السوري".
"غزل متصاعد" بين أنقرة ودمشق
وترى صحيفة "العرب" أن "تركيا تعدل بوصلتها باتجاه الأكراد بعد فقدانها الأمل بإسقاط الأسد".
وتقول الصحيفة إن إعلان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، عن إمكانية العمل مع الرئيس السوري "ليس مفاجئا ويعود إلى التحولات الجذرية التي عصفت بالمشهد السوري منذ العام 2015، وحتى الساعة، والتي دفعت تركيا إلى إعادة ترتيب أولوياتها بحيث بات الأكراد يتصدرون قائمة اهتماماتها".
ويشير عبدالباري عطوان في "الرأي اليوم" اللندنية إلى وجود "حالةً مِن الغَزل المُتصاعِد بين أنقرة ودِمشق هَذهِ الأيّام برِعايةٍ روسيّةٍ، بعد حُدوث بعض التَّراجُع في المَوقِف التركيّ المُتشَدِّد في المَسألة السوريّة أوّلًا، وتَزايُد قُوّة الدولة السوريّة، وإحكام سيطَرتها على مُعظَم الأراضِي السوريّة، وضَعفِ المُعارضة المُسلَّحة وحُدوث تغييرٍ في المِزاج السوريّ العام تُجاهَها".
ويضيف أن تركيا "تريد تلطيف العِلاقات مع دِمشق، وبطَلبٍ روسيٍّ تَمْهيدًا لفتح قَنوات حِوار، ورُبّما عودَة العِلاقات بين البَلدين" وذلك من خلال تصريحات أوغلو حول استعداد أنقرة للتعاون مع بشار الأسد حال فوزه في انتخابات ديمقراطية.
ويتساءل عطوان عن مدى جدية التَّهديدات التركيّة بشن العملية التي تتحدث عنها تركيا، "أمْ أنّها تَهدِف إلى فَتحِ حِوارٍ مع واشنطن للوُصول إلى حُلولٍ وسَط مِثلَما حدث في تَهديداتٍ مُماثلةٍ في مَنبِج وعِفرين؟".
"تغيير ديمغرافي مخيف"
ويقول إبراهيم شير في "رأي اليوم" اللندنية إن "تركيا شيطنت الوجود الكردي الطبيعي...وجعلت منهم شماعة لتوغلها في الأراضي السورية بحكم أنهم باتوا مسلحين وعملوا على تهميش وجود الدولة ومنعه بالقوة باتوا يشكلون تهديدا لها على رأيها".
ويحذر من "تغيير ديمغرافي مخيف في سوريا" مغبة "تتريك المنطقة ككل".
ويوجه فيصل العساف انتقادات لاذعة للرئيس التركي في مقاله بصحيفة "الحياة" اللندنية، حيث يحذر من "نواياه وما يضمره من تآمر على الجميع، في ظل ظروف يعتقد بأنها فرصته زالأنسب للانقضاض على كل ما هو عربي".
يقول: "إن حلب السورية في مخيلة الرئيس التركي لا تختلف عن الموصل العراقية، ولا عن مكة أو المدينة فيما بعد، الفرق أن الطريق إلى الحرمين الشريفين يرى أردوغان أنه يمر عبر إعادة احتلال الشماليْن السوري".
ويضيف: "أردوغان الذي يضرب في كل الاتجاهات إنما يسابق زمنه نحو تحقيق نهمه التوسعي...معتقداً أن اللعب على حبال قلة المروءة والخيانة والانتهازية يمكن أن تفيده خارج حدود بلاده في غمرة الأحداث الإقليمية المتسارعة".