ظل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مركز اهتمام متابعات صحف الخميس البريطانية بعد أول جولة له منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وتوجهه لحضور قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
وفي الوقت الذي أفردت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا تحليليا موسعا للانتقادات التي قد تنتظر الأمير السعودي في القمة، ركزت صحيفتا التايمز وآي على إعلان الكرملين عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي به في قمة مجموعة العشرين، ليكون بذلك أول زعيم يخرج على تحفظات وتردد الزعماء الآخرين في لقائه.
ويقول تقرير صحيفة التايمز الذي كتبه مراسلاها في اسطنبول وبوينس آيرس إن هذا الإعلان كان خبرا جيدا لبن سلمان بعد جولته الشرق أوسطية التي شهدت احتجاجات معارضة.
ويقول التقرير إن بوتين تجنب توجيه أي انتقاد صريح لبن سلمان أو للمملكة العربية السعودية، بل على العكس من ذلك أنحى باللائمة على واشنطن قائلا "على حدود علمي (خاشقجي) اعتاد أن يعيش في الولايات المتحدة ... وفي هذا الصدد على الولايات المتحدة بعض المسؤولية".
واستشهد التقرير بتصريح بوتين الشهر الماضي "لا نعرف ما حدث في الواقع. لذا لماذا نتخذ أي خطوات تقود إلى تدهور علاقاتنا مع السعودية".
ويشير التقرير إلى أن موسكو والرياض قد وقعتا اتفاق تعاون في مجال الإنتاج النفطي في عام 2016، قاد إلى الحد من تخمة المعروض من النفط الخام في الأسواق ورفع أسعار النفط.
ويضيف أن السعودية تطلب من روسيا الآن خفض الإنتاج النفطي ثانية بعد انخفاض الأسعار بنسبة 23 في المئة هذا الشهر.
ويقول التقرير إن بوتين قد يستخدم نفوذه مع ولي العهد السعودي لأجل إبقاء وتيرة الانتاج النفطي الروسي مستمرة من دون تخفيض، فالإنتاج العالي أكثر أهمية من الأسعار المرتفعة بالنسبة للمنتجين الروس لدوافع تخص موسكو، بحسب تقرير التايمز.
ويرى التقرير أن بوتين يسعى أيضا للتحالف مع السعودية لمساعدته في توسيع نفوذه السياسي والعسكري في الشرق الأوسط.
وكان آخر لقاء بين بوتين وبن سلمان في يونيو/حزيران في مباراة روسيا مع السعودية في بطولة كأس العالم بموسكو التي انتهت بفوز روسيا بخمسة أهداف مقابل صفر.
"انتقادات متوقعة"
وكتب محرر شؤون الشرق الأوسط في الفايننشال تايمز، أندرو إنغلاند، مقالا تحت عنوان "ولي العهد السعودي يواجه انتقادات في الأرجنتين".
ويقول إنغلاند إن الأمير السعودي ظل في مركز الاهتمام طوال 18 شهرا منذ أصبح الزعيم الفعلي في بلاده بعد توليه ولاية العهد، وقد اصطف أكثر السياسيين قوة لتحية ولي العهد الشاب عندما جاب العالم حاملا وعودا بصفقات واستثمارات بالمليارات، بيد أنه اليوم سيكون في مركز الاهتمام عند حضوره قمة بوينس آيرس يوم غد ولكن لأسباب مختلفة، في ما سيبدو أول اختبار سيكشف عن: كم تسممت صورته بعد حادث مقتل خاشقجي، حسب الكاتب.
ويضيف أن التحدي الذي يواجه القادة المجتمعين في القمة يتمثل في التوزع بين رغبتهم في أن يظهروا بمظهر الصارمين في ردهم على عملية قتل خاشقجي وحاجتهم البراغماتية لإدامة العلاقات مع أكبر منتج للنفط في العالم وأقوى حليف عربي لهم.
ويرى الكاتب أن بعض هؤلاء الذين كانوا يشيدون بولي العهد الشاب، 33 عاما، قد يعاملونه بجفاء، الأمر الذي ينذر بلحظات صعبة ومحرجة في تجمع قادة العالم في هذه القمة.
وعلى الرغم من ذلك يخلص كاتب المقال إلى أن قرار بن سلمان التقدم إلى مركز الضوء عالميا يكشف عن إحساس بالثقة، وأن الرياض عازمة على إنهاء هذه القضية على الرغم من تلك التكهنات التي انتشرت سابقا عن أن الملك سلمان بن عبد العزيز ربما يضطر إلى كبح جماح نجله بعد حادثة مقتل خاشقجي.
"أمل شحيح في قمة العشرين"
وتخصص صحيفة ديلي تلغراف مقالا افتتاحيا للقمة تحت عنوان "أمل شحيح لمجموعة العشرين".
وينطلق المقال من القمة السابقة للمجموعة التي انتهت بمواجهة حادة بين الرئيس ترامب والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
ويرى أن الصورة الفوتغرافية الشهيرة التي التقطت في القمة التي عقدت في كندا، وأظهرت ميركل واقفة تنظر بصرامة وكأنها توبخ ترامب الذي يجلس أمامها مكتوف اليدين، باتت رمزا على انهيار التوافق العالمي في هذه القمة.
وتقول الافتتاحية إن الكثيرين يلقون باللائمة على ترامب لأن سياسته الداعية إلى "أمريكا أولا" قادت إلى حرب تجارية، وإنه أحرج الزعماء الأوروبيين في حديثه عن فشلهم في صرف أموال كافية في مجال الدفاع.
وترى الصحيفة أن القمة التي ستشهدها العاصمة الأرجنتينية هذا الأسبوع لم تظهر أي علامة على أنها ستكون أفضل من سابقتها.
وتبرر استنتاجها هذا بأن ترامب يبدو في جفاء مع القادة الأوروبيين وسيلتقي ببوتين الذي يعد في حكم المنبوذ من قبل معظم القادة الأوروبيين.
وتقول الافتتاحية إن قمة العشرين تركز عادة على التجارة، ولكن ثمة آمال قليلة في أن يقلل اللقاء بين الرئيس ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ من التوترات ويقود إلى تفادي تهديد الرئيس الأمريكي بفرض تعريفات جمركية عقابية في يناير/كانون الأول.
وتخلص الصحيفة إلى القول إنه من الجميل التفكير في أن مثل هذه التهديدات للسلم والرخاء العالميين قد يمكن تجنبها في محادثات ودية في الأرجنتين، لكننا لن نحبس أنفاسنا في انتظار حدوث ذلك فيها.