انشغل معظم الصحف البريطانية الصادرة صباح الخميس بتغطية أصداء الحكم على باحث أكاديمي بريطاني بالسجن مدى الحياة بتهمة "التجسس" في دولة الإمارات العربية المتحدة.
واحتلت التغطيات في هذا الصدد الصفحات الأول لمعظم هذه الصحف فضلا عن تكريس مقالات افتتاحية وبعض مقالات الرأي لتناولها.
وخصصت صحيفة التايمز مقالا افتتاحيا فيها لتناول هذه القضية تحت عنوان "ظلم فادح"، كما كرست معظم صفحتها الأولى للقاء مع دانييلا تيادا، زوجة طالب الدكتوراه البريطاني ماثيو هيدجز، الذي تتهمه الإمارات بالتجسس.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها إن الحكم الذي أصدرته الإمارات على طالب الدكتوراه في جامعة دَرم يمثل أزمة دبلوماسية بالدرجة الأولى.
وتضيف أن هيدجز اُعتقل في مايو/أيار في مطار دبي واُتهم بالتجسس، وقيل حينها إنه سأل أسئلة يعتبرها المسؤولون الإماراتيون مشبوهة، بينما تقول جامعته وزوجته والعديد من زملائه الأكاديميين إنه كان هناك لمجرد إجراء بحث أكاديمي عن تأثير الربيع العربي على السياسة الخارجية والأمنية لدولة الإمارات.
وتضيف أنه بعد خمسة أشهر من الحبس الانفرادي، الذي لم يكن لديه فيه أي فرصة للإطلاع على الصحف أو أي وسائل تسلية أخرى، حُكم على هيدجز أمس بالسجن مدى الحياة، بعد أن اتهمه النائب العام الإماراتي، حمد الشامسي، بـ "تعريض الأمن العسكري والسياسي والاقتصادي للدولة للخطر" .
وترى الافتتاحية أن الاتهامات ضد هيدجز تبدو واهنة، وتنقل عن محاميه قوله إنه لم يكن في دفتر ملاحظاته أي معلومة مستخلصة من معلومات سرية، وتضيف أنه بمعزل عن فقر القضية الموجهة ضده، فإن العملية التي خضع لها هيدجز تمثل ظلما صادما.
وتقول الصحيفة إن هيدجز لا يتقن العربية حديثا أو قراءة، وهذا ما يفسر توقيعه على ورقة اعتراف تحت الضغط كتبت له بلغة لا يفهمها.
وتشدد على أن الحكم صدر بعد جلسة استماع استغرقت أقل من خمس دقائق، ومن دون حضور محامي الدفاع.
وتستعرض الصحيفة بعض ملامح العلاقات الوثيقة بين بريطانيا والإمارات، لتخلص إلى القول "إذا أرادت الإمارات الحفاظ على صداقتها لبريطانيا فعليها اطلاق سراح هيدجز".
"بريء"
وحملت زوجة هيدجز، في مقابلتها مع الصحيفة، على تعامل الخارجية البريطانية مع هذه القضية متهمة إياها بأنها "لم تتعامل بجدية مع قضية اعتقاله"، ومشددة على القول إن"ماثيو بريء والخارجية تعرف جيدا ذلك وأوضحت للسلطات الإماراتية أنه ليس جاسوسا لها".
وأضافت "يجب على الحكومة البريطانية أن تتخذ موقفا الآن من أجل ماثيو، أحد مواطنيها".
ووضعت الغارديان صورة هيدجز وزوجته في صدر صفحتها الأولى مع عنوان يقول "أكاديمي يُحكم بالسجن مدى الحياة بتهمة 'تجسس' في الإمارات".
وانصب مقال الصحيفة الافتتاحي على دعوة وزير الخارجية البريطاني، جَيريمي هانت، لاتخاذ موقف صلب لدعم الأكاديمي البريطاني.
وترى أنها مفارقة أن تقوم الإمارات بعد أسبوع واحد من استضافتها قمة عالمية عن التسامح، وهي آخر مبادرتها لتسويق نفسها كبلاد ذات نزعة إنسانية متقدمة تحتفي بالانفتاح والحوار، بسجن أكاديمي بريطاني بتهمة التجسس.
وتقول الغارديان هذه الانتهاكات الصارخة للحقوق ليست مفاجئة، فقبل ثلاث سنوات أبدى خبير في الأمم المتحدة قلقا شديدا بشأن مزاعم انتهاكات خطيرة للحقوق القانونية وضمانات المحاكمة العادلة في الإمارات، لاسيما في القضايا المتعلقة بأمن الدولة.
وتضيف الصحيفة أن الإمارات دولة تسلطية اتخذت تحولا حادا نحو زيادة القمع منذ الربيع العربي في عام 2011، وبشكل ملحوظ مع المحاكمات الجماعية التي تُعرف باسم "الإمارات 94".
وتشير الصحيفة إلى أنه في ربيع هذا العام، حُكم بالسجن على الأكاديمي البارز ناصر بن غيث والحاصل على جوائز عالمية في الدفاع عن حقوق الإنسان أحمد منصور بالسجن لعشر سنوات.
وتقول الصحيفة إن العديدين لاحظوا أن الحكم جاء بعد أن تقدمت بريطانيا بمشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار في اليمن التي دمرتها الحرب، حيث تقود المملكة العربية السعودية والإمارات تحالفا ضد المتمردين الحوثيين.
وتذكّر الصحيفة بأن الإمارات محمية بريطانية سابقة، وما زالت بريطانيا تُدرب قواتها المسلحة، كما أن التجارة البينية بين البلدين في الفترة بين 2011 إلى 2016 وصلت إلى 15 مليار دولار، وتواصل صعودها.
بيد أنها تشدد على القول: "لكن عندما تظهر الإمارات مثل هذا الإزدراء لحلفائها، لن يكون التعاون التجاري معها أمرا صحيحا ولا حكيما".
وتخلص الافتتاحية إلى القول إن هانت حذر من عواقب دبلوماسية جدية، وإن على بريطانيا أن تقف بصلابة من أجل نفسها ومن أجل هيدجز.
"كيف تمول طهران حزب الله؟"
وتنفرد صحيفة التايمز بنشر تقرير من مراسلتها في اسطنبول تحت عنوان "الولايات المتحدة تكشف كيف تمول طهران إرهاب حزب الله".
ويقول التقرير إن إيران تضخ "مئات الملايين من الدولارات عبر روسيا وسوريا إلى من تصفهم بـ "إرهابيين في الشرق الأوسط" عبر برنامج يديره مدير شركة مسجلة في بريطانيا، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية، التي تشير إلى أن البرنامج يسمح لطهران استخدام النظام المالي الدولي لإرسال أموال إلى ميليشيات تابعة لها.
ويقول التقرير إن أمريكا فرضت عقوبات على تسعة أشخاص وكيانات تتهمهم بتنظيم ونقل الأموال إلى حزب الله وحماس عبر صفقات نفطية مع الحكومة السورية وسلسلة من الشركات التي تُتخذ كواجهة لهذا النشاط، من بينها شركات فرعية تابعة لوزارة الطاقة الروسية.
ويضيف أن تلك هي المرة الأولى التي يشار فيها الى أن روسيا تلعب دورا في تمويل هذه المنظمات، الأمر الذي يُظهر كيف أن موسكو وطهران قد دخلتا في علاقة تقارب كبيرة ضد الولايات المتحدة عبر دعمهما المشترك لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.
ويشير التقرير إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية تقول إن البنك المركزي الإيراني بدأ في عام 2014 ارسال الأموال إلى شركة "تدبير كيش" للمواد الطبية والدوائية، وترسل هذه الشركة الإيرانية الأموال إلى حساب يملكه محمد عامر الشويكي، الذي تزعم أنه الشخص المحوري في العملية، في بنك مير للتجارة.
وترى الوزارة الأمريكية أن العملية تجري في روسيا ولكن لحساب بنك مَلي الإيراني، بعد أن سهلت طهران وموسكو عملية تبادل العملات بينهما في عام 2015.
وقد شملت السلطات الأمريكية بنك ملي بقائمة العقوبات في 5 نوفمبر/تشرين الثاني متهمة إياه بتوصيل الأموال لحساب الحرس الثوري الإيراني.
وتقول الصحيفة إن الشويكي رجل أعمال سوري، 46 عاما، يدير شركة تجارية عامة تحمل اسم "إيمكسا انترناشنال ليمتد"، مسجلة غربي لندن ببريطانيا، وقد حُلت الشهر الماضي.
وتضيف أنه في أبريل/نيسان 2017، كتب الشويكي إلى رسول ساجد، مدير القسم الدولي في البنك المركزي الإيراني، يؤكد استلامه مبلغ 63 مليون دولار، ويعتقد أن مجمل ما تسلمه يصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وقد نشرت وزارة الخزانة الأمريكية صورة له جالسا أمام رزم كبيرة من أوراق العملة الأمريكية.
ويوضح التقرير أن الأموال ترسل من بنك مير للتجارة إلى شركة "برومسيريوم بورت" المملوكة لوزارة الطاقة الروسية، وتعمل هذه الشركة ومعاون مديرها، أندرية دوغاييف، مع شركة "غلوبل فيجن غروب"، وهي شركة روسية يملكها الشويكي وتنظم تحويل الأموال مقابل شحنات النفط الخام الإيراني إلى سوريا.