هل استقالة ليبرمان "تعني تصدع سفينة نتنياهو أم مزايدة على التطرف في إسرائيل"؟

جمعة, 16/11/2018 - 11:06

تناولت صحف عربية ردود الأفعال على استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، احتجاجاً على قبول هدنة لوقف إطلاق النار في غزة. ورحبت معظم الصحف بهذه الاستقالة، ووصفها بعضها بأنها من "ثمار انتصار غزة" والمقاومة.

وحذر كتاب من سرعة استجابة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمقترح التهدئة المصري، ووصفوها بأنها تسعى إلى تكريس الانقسام الفلسطيني الداخلي.

"ثمار انتصار غزة"

ويقول عمر عياصرة في "السبيل" الأردنية إن "غزة تطيح بالحكومة الصهيونية" وإن سمعة الجيش الإسرائيلي "تلطخت بتراب غزة الباسلة".

ويضيف: "المقاومة فاجأتني شخصيا في اليومين الماضيين، قوة النار، الهدوء، إفشال العملية الاستخباراتية، تجاوز القبة الحديدية، كل ذلك، أظهر أنها لم تتأثر بالحصار، بل على العكس هناك علاقة طردية بين ارتفاع الجهازية والحصار الجائر".

ويتساءل: "ماذا بعد ذلك؟ لا يهم، ولست قلقاً من انتخابات مبكرة في إسرائيل، وأعلم أن مستقبل الهدنة التي تحتاجها غزة لم يتبدد، بل تعاظمت فرصها وبشروط المقاومة".

ويضيف: "الحرب الأخيرة في قطاع غزة جاءت قصيرة هذه المرّة لأن نتنياهو، ومجلس وزرائه المصغر، أدرك أنه سيتكبد خسائر كبرى غير مسبوقة مادياً وبشرياً، وسيخسر موقعه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسيصيب أصدقاءه المطبِّعين من العرب بالحرج، فقرر تقليص الخسائر واللجوء إلى مصر سعياً إلى طوق النجاة ، وهكذا كان، ولكن إلى حين".

ووصفت "الأخبار" اللبنانية استقالة ليبرمان بأنها من "ثمار انتصار غزة"، كما وصفها علي حيدر في الجريدة نفسها بأنها "تصدع سفينة نتنياهو"، ويقول: "نحن أمام حدث ساهم في بلورته عاملان أساسيان لكل منهما كان له موقعه الأساسي، انتصار المقاومة في قطاع غزة، والتنافس السياسي والحزبي على القاعدة اليمينية المتطرفة".

ويقول عبد الباري عطوان في "رأي اليوم" اللندنية إن "المقاومة انتصرت في الجولة الأخيرة من الحرب في قطاع غزة .. ونتنياهو ما كان يقبل بوقف إطلاق النار لو كان يعلم أن الاستمرار في صالحه".

"بلبلة في حكومة نتنياهو"

وتقول "القدس العربي" إن الاستقالة "تثير بلبلة في حكومة نتنياهو".

ويرى سهيل كيوان في موقع "عرب 48" أن الاستقالة لا تخلو أيضاً من الصراعات السياسية الإسرائيلية.

ويقول: "لقد جاء إعلان ليبرمان عن استقالته في وقته بالنسبة لنتنياهو، فهو يريد انتخابات مبكرة، رغم تصريحاته بأنه غير متعجل إليها بسبب تكاليفها المالية، فهو يطمح إلى تفويض جديد من الشعب بعد تحقيقات طويلة معه ومع أبناء أسرته والمقربين في قضايا الرشوة وخيانة الأمانة، وبلا شك أنه مسرور بأن هذا الأمر أتى عن طريق ليبرمان وحزبه وليس عن طريقه هو مباشرة".

ويضيف: "لقد ذهب وزراء أكثر من ليبرمان "حربجية"، وبقيت قضية شعبنا شاخصة عصيّة على المحو، لا ليبرمان ولا ̕صفقة قرن̔، ولا غيرها قادرة على أن تنسي شعبا أرضه ووطنه المغتصب. العبرة من استقالة ليبرمان هي أنه لا يمكن حل القضية بالتهديد والوعيد والأسلحة المتطورة".

وتقول "القدس" الفلسطينية عن هذه الصراعات السياسية الإسرائيلية، في افتتاحيتها: "الخلاف المستجدّ بين ليبرمان ونتنياهو، والذي يمكن أن يطيح بالحكومة الإسرائيلية، لا يغيّر من أن الرجلين هما من طبيعة واحدة، بل إن ليبرمان كان مديرا لمكتب نتنياهو خلال فترة ولايته الأولى (1996 ـ 1999)، وبالتالي فإنه أقرب إلى ابن سياسي لنتنياهو، ولديهما تشابهات كثيرة، منها، على سبيل المثال، الاتهامات المستمرة لهما بالفساد".

وينتقد محمد أبو الفضل في "العرب" اللندنية من يعتبر الاستقالة انتصاراً.

ويقول: "يختزل احتفال حركة حماس باستقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الكثير من المسافات السياسية، ويعبر عن طبيعة التدهور الذي وصلت إليه الأوضاع الفلسطينية، لأن السبب الرئيسي للاستقالة أصلاً يكمن في المزايدة حول أي من القيادات الإسرائيلية أكثر تطرفاً".

"مسارات صفقة القرن"

أما رحيل محمد غرايبة، فيرى في "الدستور" الأردنية أن الاستقالة كشفت "حقيقة المفاجأة ومشاعر الصدمة التي تعرض لها جيش الاحتلال في غزة إزاء حجم المقاومة وشراستها، وقدرتها على نصب بعض الكمائن الذكية التي استطاعت إيقاع خسائر غير متوقعة في صفوف الجيش الغازي".

ويشير غرايبة إلى أن سرعة استجابة رئيس الوزراء الإسرائيلي للاقتراح المصري بوقف إطلاق النار في غزة له دلالة أكثر خطورة، مضيفاً "أن هناك معلومات .. عبر بعض وسائل الاعلام منذ عدة أشهر حول إجراء مفاوضات بين إسرائيل وحماس تحت رعاية مصرية، تهدف إلى إعطاء غزة بعض الانفراجات على الصعيد الإنساني، بحيث تعطى ميناء ومطاراً وإمكانية التواصل مع العالم الخارجي، وإعادة إعمار غزة وبناء مؤسساتها الصحية والتربوية، مما أثار خلافاً شديداً مع بعض قيادات فتح وقيادات منظمة التحرير التقليدية والسلطة الفلسطينية".

ويقول الكاتب إن هذا يعبر "في الوقت نفسه عن بعض مسارات صفقة القرن التي تريد تكريس الانقسام الفلسطيني إلى الأبد، من خلال عقد اتفاقيات منفردة والاستفراد ببعض الفصائل الفلسطينية، التي سوف تفرز كياناً فلسطينياً مستقلاً في غزة منعزلاً عن الجسم الفلسطيني في بقيه الأراضي الفلسطينية المحتلة".