حفلت صحف عربية باتهامات متبادلة للأطراف الفاعلة على الساحة السياسية التونسية على وقع إعلان رئيس الوزراء يوسف الشاهد تعديلاً وزارياً جديداً يشمل عشر حقائب وزارية. كما تعرضت حركة "النهضة" لانتقادات واتهامات بمحاولة السيطرة على مفاصل الدولة.
تشير "العربي الجديد" اللندنية إلى اتجاه "الأزمة داخل 'نداء تونس' إلى مزيد من التعمق، وتزداد الانشقاقات حدّة".
يتحدث محمد بوعود في جريدة "الصحافة" التونسية عن تبعات التعديل الوزاري الذي أجراه الشاهد بالقول: "سنرى لأول مرة حزبا حاكما خارج الحكم، ووزراؤه أعضاء في الحكومة، نداء تونس، كما سنرى حزبين لأول مرة في القصبة وهما مشروع تونس وحزب المبادرة، وإن كان ممثلا سابقا بوزيرة، وكذلك سنرى حركة النهضة لأول مرة تتجاوز عتبة الحقائب الأربع منذ دخولها كشريك في السلطة عقب انتخابات 2014 التي فاز بها نداء تونس".
من جانبها، تقول مريم الحامدي في موقع "الشاهد" الإلكتروني: "أن يقرر حزب حاكم ترك الحكم والاصطفاف وراء المعارضة، هو أقرب إلى الجنون السياسي من الفعل السياسي المحنّك، ويأتي قرار نداء تونس بعد إعلان رئيس الحكومة التحوير الوزاري، بتشكيل حكومة دون إشراك حركة النهضة والشاهد، قرارا متسرعا وغير ممكن تحقيقه على أرض الواقع".
تضيف: "يبدو أنّ نداء تونس، لم يكسب شريكا جديدا، ويرى مراقبون أنّ وضع النّداء الدّاخلي وهشاشة وهياكله وضعف كتلته النّيابيّة مقارنة مع تحالفات حركة النّهضة ويوسف الشّاهد، لربّما كانت السّبب الرّئيس لرفض الأحزاب المعارضة المشاركة في مغامرة تلوّح ملامح فشلها منذ البداية".
يقول سالم لبيض في مقاله بعنوان "بيوغرافيا وزير تونسي يهودي" في "العربي الجديد" اللندنية إن روني الطرابلسي، المرشح لتولي منصب وزير السياحة في حكومة الشاهد الثالثة "سيحظى بأغلبية يؤمنها تحالف إسلامي - علماني، أطرافه الرئيسية كل من حركة النهضة وحزب مشروع تونس وبعض شظايا حزب نداء تونس المنخرطين في كتلة الائتلاف الوطني الشاهدية (نسبة إلى يوسف الشاهد)".
المسؤولية بين السبسي والشاهد
يشير خليل العناني في "العربي الجديد" إلى أن تونس تعيش "حالة من التردّي الاقتصادي والاجتماعي، منذ انطلاق ثورتها قبل أكثر من سبعة أعوام".
يقول: "الجميع يلقي باللائمة على الآخر فيما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. حيث يحمّل بعضهم حركة النهضة المسؤولية، كونها شريكة في السلطة، في حين ترى قيادات 'النهضة' أن المشكلة في قيادة 'نداء تونس'، خصوصا حافظ السبسي، نجل رئيس الجمهورية، الذي يسعى إلى السيطرة على الحياة السياسية، وتأهيل نفسه لقيادتها خلفاً لوالده".
ترى أسيا العتروس في "رأي اليوم" اللندنية أن "الفترة الفاصلة للموعد الانتخابي ستشهد ظهور تحالفات سياسية جديدة و خروج قيادات سياسية تكون استفادت من أخطاء و دروس و تجربة السنوات السابقة لمواصة دفع هذه التجربة الديموقراطية الوليدة التي تظل تحت مجهرالشرق و الغرب في كل تطوراتها".
تقول الكاتبة: "إذا كان رئيس الدولة أخطا في حساباته عندما ترك شأن حزب نداء تونس الذي أسسه في 2012 و منحه ورقة العبور الى رئاسة البلاد في انتخابات 2014 لنجله ومديره التنفيذي الذي يظل المسؤول الأول عن تفكك الحزب و تشتته و تراجع عدد نوابه في مجلس الشعب وهو الخطأ الذي يستمر الرئيس الباجي قائد السبسي في تحمل تداعياته، فإن لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أخطاءه و نصيبه من المسؤولية السياسية و الاخلاقية ولا نقول القانونية".
لكن عبدالوهاب بدرخان في "العرب" اللندنية يقول: "واقعياً، كان الشاهد محقّاً، والسبسي محقٌّ أيضاً، طُلب من رئيس الحكومة قبل شهور أن يستقيل لفشله في معالجة مشكلتَي البطالة والتضخّم".
يضيف: "لا يحتاج احترام الرئاسة إلى نصوص دستورية تؤكّده، لكن ما تشهده تونس لا يزال تجربة تطوّر نفسها بتطبيق الدستور واحترامه، وإذا كانت تعطي دروساً للآخرين بالممارسة، فقد تكون تعلّمت من الواقعة الأخيرة أنها تحت المجهر، صحيح أن المنصب الرئاسي رمزي، لكن السبسي هو الذي يوحي للداخل والخارج بالثقة، وهذه يوفّرها الشخص لا النص الدستوري".
هجوم على 'النهضة'
في مقال بعنوان رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد بجريدة "الصحافة اليوم" التونسية، يهاجم مراد علالة حركة "النهضة" التونسية ويتهمها بالتسبب في الأزمة السياسية الحالية في البلاد.
يقول الكاتب: "يواصل الإسلام السياسي ممثلا في رأس الحربة حركة النهضة الهروب إلى الأمام والعمل على تهرئة 'الحلفاء' قبل الخصوم ودس الإسفين إن لزم الأمر بين الابن وأبيه سواء كانت الأبوة بيولوجية أو سياسية، وتجنيد 'المزروبين' على لعب الأدوار أو بالأحرى توهّم لعب الأدوار والأهم من ذلك مواصلة جني النقاط و'التمكين' والتمكن من مفاصل الدولة مركزيا ومحليا وطمس الماضي القريب مقابل المزايدة وتوظيف الماضي البعيد في إطار عدالة انتقالية مشوهة للأسف وضع حكامنا الجدد على رأسها من هو ليس ضامنا لإنجازها".
وفي افتتاحيتها بعنوان "الثورة المسروقة"، تتهم "الخليج" الإماراتية حركة "النهضة" بالسيطرة على مفاصل الدولة في تونس.
تقول الصحيفة: "ما تشهده تونس الآن من صراعات سياسية، وحركة النهضة في صميمها، بعد أن بسطت أذرعها على كل مفاصل الدولة، يؤكد أن هذه الحركة باتت تشكل عبئاً على الشعب التونسي الذي لم يبق من ثورته حتى الآن إلا الاسم، فبعد سبع سنوات لم يجد الشعب التونسي لا الخبز ولا العمل ولا الحرية، بل المزيد من البؤس والبطالة والجوع.. وهذا هو حال الثورات التي يسرقها اللصوص".