استحوذت العقوبات الأمريكية ضد إيران على اهتمام عدد من الصحف العربية الصادرة اليوم.
وقد تباينت الآراء في الصحف بشأن تبعات العقوبات، حيث أدانها البعض بينما أشاد بها البعض الآخر.
وأعادت واشنطن فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، والتي كانت قد رُفعت بعد إبرام الاتفاق النووي بين إيران وقوى غربية في عام 2015.
"الطيش الأمريكي"
يقول علي قاسم في "الثورة" السورية إن "العقوبات الأمريكية الأخيرة ترسم على إيران حدود التأزم ومساحة التعثّر الذي تواجهه السياسة الأمريكية، والبون الشاسع الذي قطعته في استعصاء التفاهم مع الدول والشعوب على قاعدة من الذرائعية التي استباحت كل شيء، وأماطت اللثام عمّا تبقى من خبايا الهيمنة وبقايا الاستلاب التي تمارسها، لتفتح الباب على تداعيات تبدو محرجة لحلفاء أمريكا أكثر مما هي مربكة لخصومها، في وقت لا تتردد فيه بتسويق افتراضات العجز المحمول بلغة القوة وما يفيض منها".
ويضيف قاسم أن "الطيش الأمريكي لم يعد تعبيراً فظاً عن فرط الهيمنة فقط ، ولا هو انعكاس لمشهد التغوّل في الممارسة الاحتكارية التي تفرض قواعد اشتباكها على العالم فحسب، وإنما هو القاعدة الفقهية التي تحكم المنظومة الغربية حين تجاهر برفضها للعقوبات الأمريكية على إيران، بينما تمارس السلوك عينه والفظاظة نفسها في إجراءاتها القسرية الأحادية الجانب".
يقول نجاح محمد علي في "الأخبار" اللبنانية إن "من تصفير النفط الإيراني، إلى استثناء ثماني دول من التعامل مع إيران بواقع يزيد على نصف صادراتها النفطية، يسجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترافاً رسمياً بفشله في اتباع النموذج الكوري الشمالي مع إيران لإركاعها وإجبار رئيسها على الجلوس معه وجهاً لوجه بدون شروط مسبقة كما يريد هو، متنازلاً عن الـ 12 شرطاً تعجيزياً التي وضعها وزير خارجيته، مايك بومبيو، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. إذاً، يمكن القول ابتداءً إن عقوبات ترامب، التي وعد أنه لن يكون لها مثيل في التاريخ، ولدت عرجاء مشوهة".
ويضيف "نجحت إيران كما هو واضح في إظهار ترامب وحيداً، خصوصاً وهو يعاني من تداعيات اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وأكدت التزامها بالاتفاق النووي طالما يخدم مصالحها. وحولت التحدي الأمريكي والتهديد بعزلها دولياً إلى فرصة كبيرة. وحظيت بذلك باحترام المجتمع الدولي، وأن منطق الحوار ينتصر على منطق الغطرسة".
وتقول "القدس العربي" اللندنية في افتتاحيتها إن "الحزمة الجديدة من العقوبات هي انتهاك للقانون الدولي، مثل سابقاتها، ولكنها قبل ذلك امتداد لسياسات الانعزال والغطرسة التي يعتمدها الرئيس الأمريكي منذ وصوله إلى البيت الأبيض. صحيح أن آثارها تشمل العالم بأسره، ولكن من الصحيح أيضاً أنها لا تعفي الولايات المتحدة ذاتها من العواقب الوخيمة".
"يوم مجيد"
في المقابل، يقول نديم قطيش في "الشرق الأوسط" اللندنية إن "أمس سيُذكر على أنه يوم مجيد من أيام المواجهة مع النظام الإيراني. عودة العقوبات الأميركية هي آخر ما كانت تريد طهران أن تواجهه في اللحظة التي تعيش فيها أكبر توسع (ثوري) على مستوى المنطقة، وأكثر وضع داخلي ضِيقاً واختناقاً منذ عام 1979".
ويورد قطيش أن "مشكلة إيران مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي وضوح الرجل. قال في حملته الانتخابية الرئاسية إن الاتفاق النووي هو أسوأ اتفاق عرفة التاريخ، وإنه سيلغيه لو جلس في البيت الأبيض، وهكذا فعل. ترامب صادق أيضاً حين يقول إنه يريد علاقات طيبة مع إيران، مطالباً إياها بأمر في غاية البساطة: أن تتوقف إيران عن أن تكون إيران... ترامب يأتي من لغة مختلفة. من لغة تبادلية بسيطة. تعطيني أُعطِيكَ. وحين لا ينجح الأمر على هذا النحو يقول كما قال للرئيس الكوري الشمالي: (زرِّي النووي أكبر من زرِّك)".
على المنوال ذاته، تقول افتتاحية "الخليج" الإماراتية إن "بدأ الحبل يضيّق الخناق على إيران مع بدء تطبيق العقوبات الأمريكية، لن تستطيع طهران الإفلات من نتائج وتداعيات العقوبات مهما كابرت وادعت أن بإمكانها الصمود والمقاومة، والادعاء بأن العقوبات لن تؤثر فيها بعدما اختبرتها لأكثر من عقدين".
وتضيف الجريدة "يمكن للمسؤولين الإيرانيين أن يقولوا ما شاءوا للتهوين من نتائج العقوبات أو التخفيف من ردة الفعل الشعبية المحتملة. والقول إن العقوبات لن تؤثر، هو قول الجاهل أو العارف الذي لا يريد أن يعترف، فالحقيقة التي يُجمع عليها كل الخبراء الاقتصاديين تؤكد أن الاقتصاد الإيراني لن يصمد طويلاً، وأن صادرات النفط، وهي عصب الاقتصاد الإيراني سوف تشهد انخفاضاً كبيراً".
أما أحمد عوض فيقول في "عكاظ" السعودية إن "الخامس من نوفمبر لم يكن يوماً عادياً، فيه تم تغيير طريقة التعامل مع نظام اتخذ الإرهاب طريقاً له ليحيا، فيه، تم وأد أحلام ملالي طهّران، وبدأت سلسلة انهيار مشاريع الخراب التي قام هذا النظام البائس بتأسيسها في المنطقة، لقد تم البدء بإغلاق نوافذ المال التي كانت رافداً وداعماً لنظام طهران الإرهابي في نشر الفوضى والإرهاب".
ويضيف الكاتب "العقوبات وبلا شك ستكف يد إيران عن الخارج، وستجعل ملالي طهران في مواجهة تحديّات الداخل، وقريباً ستزداد المُظاهرات حدّة وسيُحاول النظام التماسك في مدينتين هُما عِماد بقائه في طهران ومشهد، لكن للجَوْعَى رأي آخر عندما يضيق الخِناق وتتحوّل الحياة إلى ما هو أبعد من الجحيم الذي يُعاش الآن".