أظهرت قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي منذ مقتله في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر في قنصلية بلده في إسطنبول، مفارقة بشأن تغطية وسائل الإعلام العربية للقضية إذا ما قورنت بنظيرتها الغربية.
فمنذ اليوم الأول لاختفاء خاشقجي درات حرب إعلامية بين وسائل الإعلام السعودية ومعها الإمارات ومصر من جانب، ونظيرتها في قطر من جانب اخر.
ففي صحيفة الجزيرة السعودية انتقد الكاتب عبد العزيز الجار الله الإعلام القطري وقال إن "قطر جاءت كالعادة بقناة الجزيرة لتشعل حرائقها، وسخرت المحطة وقنوات لهذه القضية لمصادمة السعودية وبث سمومها وكراهيتها وجانبها النتن والبغيض لتتصدر الموقف الإعلامي".
أما الصحفي المصري أحمد عرفة فقال في صحيفة صوت الأمة المصرية دفاعا عن موقف الرياض إنه "منذ بداية الحملات الإخوانية والقطرية ضد السعودية بعد اختفاء خاشقجي، اتخذت وسائل الإعلام الأمريكية موقفاً مريباً، حيث انحاز معظمها للأكاذيب القطرية الإخوانية".
أما الكاتب السعودي صالح الحمادي، فزعم في تدوينة له عبر حسابه بموقع تويترأن خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي التركية ليست إلا وزير الشؤون القانونية والبرلمانية في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، محمد محسوب، وهي نفس المزاعم التي كررتهاصحيفة "الشرق" التي يملكها نقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي.
نفس هذا الموقف بدا واضحا في تغطية القنوات الإخبارية مثل العربية وسكاي نيوز العربية وأيضا في برامج التوك شو على المحطات الخاصة المصرية.
غير أنه وبعد إعلان السعودية مقتل خاشقجي خلال شجار في القنصلية، تبدلت التغطية في وسائل الإعلام من النفي والإصرار على أن السعودية لا علاقة لها بمقتل خاشقجي إلى التركيز على ضرورة محاسبة المتورطين مع التأكيد على عدم علم ولي العهد السعودي بالموضوع.
ونقلت قناة الإخبارية السعودية الرسمية يوم الخميس 25 أكتوبر/تشرين عن النائب العام السعودي قوله أن المشتبه بهم في قضية خاشقجي أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة، الأمر الذي قد يغير ايضا من التعليقات على مجريات القضية.
في المقابل، انتقد الكاتب محمد المري في صحيفة الوطن القطرية موقف الدول الداعمة للسعودية الذين "صمتت قنواتهم وتوقفت تصريحاتهم وتلخبطت تغريداتهم.. فيما أجهزتهم على الصامت وبعضهم 'على الهزاز'.. لأن من بينهم من يسره الصدام السعودي التركي".
في حين وصف الكاتب حسين لقرع في صحيفة الشروق الجزائرية الإعلام السعودي والمصري بأنه يمثل "الابتذال والإسفاف والبلادة وهو يتناول قضية 'اختفاء' خاشقجي ... بكثيرٍ من السطحية ولغة الخشب الممجوجة التي ذكّرتنا بحقبة الستينيات والسبعينيات".
على الجانب الاخر كثفت الصحافة الغربية الحديث عن مصير خاشقجي منذ اليوم الأول لاختفائه وخاصة صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية التي تركت مساحة فارغة على صفحة الرأي بها ضمن الجزء الذي كان مخصصا لمقالات خاشقجي.
ونشرت الصحيفة مقالات تدعم خاشقجي انقسمت بين التغطية الخبرية للملف في قسم السياسة، والدعم المباشر عن طريق قسم الآراء الدولية، وهو نفس القسم الذي كان خاشقجي يكتب فيه مقالاته الناقدة لسياسات السعودية، بعد وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة.
صحف غربية عدة وقنوات أجنبية مثل "سي إن إن" اهتمت بتغطية قضية خاشقجي وطالبت في البداية السلطات السعودية بالكشف عن مصيره ثم بتوقيع عقوبات على المملكة بعد إعلانها عن مقتله داخل القنصلية.
إلا أن البعض يرى أن وسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة، دخلت معركة "تصفية حسابات" شخصية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هاجمها وشكك في مصداقيتها.
إذ وجدت سي إن إن وواشنطن بوست ونيويورك تايمز وغيرها من وسائل الإعلام الأمريكية، وحتى الأوروبية، في قضية اختفاء خاشقجي فرصة جديدة لمهاجمة ترامب ومواقفه العدائية، مدفوعين بدعم من الديمقراطيين ضمن الاستعدادات لخوض انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.
كان خاشقجي يقيم في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة منذ أكثر من عام، ومنذ ذلك الحين كتب مقالات في الصحيفة تنتقد السياسات السعودية تجاه قطر وكندا والحرب في اليمن وتعامل السلطات السعودية مع الإعلام والنشطاء.