لاتزال صحف عربية بنسختيها الورقية والالكترونية تناقش قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وناقش عدد من المعلقين التبعات السياسية والاقتصادية التي قد تتحملها المملكة العربية السعودية جراء هذه القضية.
وتحت عنوان "صفقة جريمة القنصلية: رحلة البحث عن كبش فداء"، تقول الأخبار اللبنانية في افتتاحيتها إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "يسعى لقطع كل الخيوط التي تصل إليه، تمهيداً لصياغة رواية تحدد 'كبش الفداء'، بمباركة أمريكية. لكن الصفقة إن تمت، فلا بد أن تكون بموافقة تركية أيضاً، على أن تحفظ سر الملف، إلى حين".
وتضيف الصحيفة "لا تبدو مهمة بن سلمان سهلة في البحث عن كبش فداء لا خيوط تربطه فيه، لكن الوقت لم يعد يلاحقه كما كان الحال حينما كانت آثار الجريمة والشهود تحت أعين سلطات أنقرة. أما المطالبات الدولية، فتبقى عامل الضغط الوحيد، حتى إخراج رواية نهائية، يعلم بن سلمان أنها ليست المرحلة الأخيرة، لأن لها ما بعدها".
أما عبدالباري عطوان في رأي اليوم اللندنية فيؤكد أن أحد تبعات هذه القضية قد يتمثل في فقدان بن سلمان منصبه كولي للعهد، مضيفاً "عملية البحث عن ولي عهد جديد في بعضِ الأوساط السعودية بدأت بالفعل، وبدأت تجد تشجيعاً من بعضِ الحكومات الغربية في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لضرب أكثر من عصفور بحجر، وإيجاد مخارج للأزمات المعقدة في المنطقة، وأبرَزها حرب اليمن، فربما تُطوى عملية التغيير هذه إذا ما تمت إلى إنهاء هذه الحرب، مثلما كانت جريمة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات البوّابة التي استعادَت عبرها مِصر عضويتها في الجامعة العربية، وإنهاء المقاطعة العربية لها".
وفي القدس العربي اللندنية، تشير لينا أبو بكر إلى أن شركة أرامكو النفطية العملاقة قد تكون هي الثمن الذي تدفعه السعودية للولايات المتحدة الأمريكية لإغلاق القضية، حيث تقول أن النظام السعودي "سيقايض الجريمة بشركة أرامكو".
وعن محاولات واشنطن للخروج بأكبر قدر من المكاسب من هذا الحادث، يقول طلال سلمان في الجريدة ذاتها "واضح ان ترامب سيستغل هذه الواقعة المحزنة ليبتز السعودية أكثر مما ابتزها حتى اليوم، وهو لا يخفي ذلك بل يعبر عنه علناً. وفي مكالمته مع الملك سلمان بن عبد العزيز أسمعه كلاماً جارحاً في صراحته مطالباً بأن يكون الشريك الأكبر في دخل المملكة من النفط طالما أن الولايات المتحدة هي من يحميه، وهي المشتري الأول لنفطه، ولا بد من إعادة النظر في أسعاره، حرصاً على تمكين المواطن الأمريكي من أن يعيش مرتاحاً".
تقطيع جثة المهنية الإعلامية"
وفي المقابل، لا تزال صحف سعودية ترى أن ما يجري مجرد مؤامرة و"حملة شعواء" على المملكة.
ويؤكد علي القرني في الجزيرة السعودية أن الرياض "تتعرض لحملة مستعرة لم تشهدها المملكة منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001".
كما يقول أحمد عبد العزيز الجارالله في السياسة الكويتية "لماذا هذه الحملة الشعواء على السعودية، وفي هذا الوقت بالذات؟ هذا السؤال يتجدد في كل مرة تشن فيها حملة ضد المملكة منذ بدأت عملية الإصلاح الجذري قبل ثلاث سنوات، والمدرك أبعاد هذه العملية يعلم جيدا أن وراء الأكمة مصالح كثيرة تضررت، داخلياً وخارجياً".
ويؤكد الجارالله أن ما يشاع حول مقتل خاشقجي "أقرب إلى القصص البوليسية الخيالية التي عجزت مخيلات كتاب الافلام الهندية والهوليوودية عن تخيلها، فيما القصة كلها تختصر في أمر واحد، وهو أن هناك قضية اختفاء ويجب أن تكون هناك أدلة قاطعة في هذا الشأن، وليس مجرد حملة أكاذيب وتشكيك، وتحريض على السعودية".
كما ينتقد خالد السليمان في عكاظ السعودية تعامل وسائل الإعلام مع القضية، حيث يقول "ماتت المهنية الإعلامية الغربية منذ سنوات عديدة، منذ أن أصبح الإعلام مسخراً لخدمة الأهداف السياسية، اختبرنا سكرات موته في أحداث الحادي عشر من سبتمبر ثم مع تسويق الغزو الأمريكي للعراق، ما يجري اليوم من تعاط إعلامي غربي مع قضية اختفاء جمال خاشقجي هو في الحقيقة تقطيع جثة المهنية الإعلامية الميتة!"