تحدثت صحف عربية عن إمكانية التوصل إلى "صفقة" ثُلاثيّة، أمريكيّة تركيّة سعوديّة، لإغلاقِ ملف اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن "قتلة خارجين عن السيطرة" ربما كانوا وراء اختفاء خاشقجي في تركيا.
"البَحث عَن كَبشِ فِداءٍ"
ويرى عبد الباري عطوان في "رأي اليوم" اللندنية أنه "عِندما يُعلِن الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب (أنّ عَناصِر غير مُنضَبِطة) قد تَكون وراء قتل الصِّحافي خاشقجي في القُنصلية السعوديّة في إسطنبول، وأنّ العاهل السعوديّ الملك سلمان بن عبد العزيز أكَّد له، وبشَكلٍ حازِمٍ، أنه لم يكن على عِلمٍ بأيِّ شَيء، فهذا يَعنِي أنّ البَحث عَن كَبشِ فِداءٍ لإلصاقِ الجَريمةِ بِه قد بَدأ، وأنّ صفقة ثُلاثيّة أمريكيّة تركيّة سعوديّة قد جَرى التَّوصُّل إليها لإغلاقِ هذا المَلف ورُبّما إلى الأبَد".
ويضيف الكاتب: "الصَّفَقات تتقدَّم على مبادئ حُقوق الإنسان، خاصَّةً بالنِّسبةِ إلى رَئيسٍ مِثل ترامب لا يُؤمِن إلا بالعُمولات، ولا يُجيد غَير ابتزاز السعوديّة ودُوَل خليجيّة، ونَهب مُعظَم ما لديها مِن مِليارات، فلم يَحصُل في تاريخ أمريكا أن مارَس أي زعيم أمريكيّ الابتزاز بهَذهِ الوَقاحة ... رَحِم الله جمال خاشقجي حَيًّا أو ميّتًا، ونَعتقِد أنّ السَّبق الصَّحافيّ القادِم الذي سيَحْتَل العَناوين الرئيسيّة هُوَ الكَشْف عَن جُثمانِه، ومَكانِه، وكَيفيّة قَتلِه في القُنصليّة السعوديّة .. والأيّام بَيْنَنَا".
وتقول "القدس العربي" في افتتاحيتها إن "تخبط التصريحات السعودية بين تهديد بفرض إجراءات مضادة، ثم تلطيف التصريح إلى درجة سحبه من التداول، بمثابة عوامل ضغط إضافية ومتلاحقة على الرياض. ولكن هذا الرضوخ لا يعني أن السلطات السعودية سوف تسلم بمسؤولية القنصلية، وبالتالي ولي العهد شخصياً، عن تصفية خاشقجي. ولا ينفي إمكانية تدبير كبش فداء من نوع ما، يحمل وزر الجريمة عن المجرم الفعلي والأول. ولا يلغي، أخيراً، احتمال (لفلفة) القضية بأسرها، بحيث تنجح مليارات دافوس الصحراء في طمس جريمة القنصلية".
ويقول حازم عياد في "السبيل" الأردنية إن "الإعلان عن زيارة مفاجئة سيقوم بها بومبيو إلى السعودية تعد مؤشرا مهما على دخول أزمة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي مرحلة حرجة وجديدة؛ فسيناريو البحث عن مخرج اتخذ منحى أكثر جدية، خصوصا بعد تغريدة ترامب التي قال فيها انه اتصل بالملك سلمان الذي نفى علمه بمصير خاشقجي، تغريدة سبقها إصدار الملك سلمان قرارا بفتح تحقيق داخلي يشرف عليه المدعي العام السعودي، فالتحقيقات ستطال كل من ورد ذكرهم في التحقيقات التركية، ومن الممكن أن تفضي إلى موجة كبيرة من التغييرات داخل السعودية".
ويخلص الكاتب إلى أن "أمريكا باتت معنية بوقف التفاعلات الداخلية والخارجية لأزمة اختفاء خاشقجي بحسم الأزمة بأسرع وقت ممكن وتقديم بدائل تنهي الأزمة قبل أن يظهر لاعبون جدد في المنطقة".
"حملة مسعورة"
أما الصحف السعودية فواصلت الدفاع عن المملكة ضد الاتهامات الموجهة للرياض بالمسؤولية عن اختفاء خاشقجي.
ويقول أحمد عوض في "عكاظ" السعودية إن "هذه الحملة المسعورة على السعوديّة ومحاولة شيطنة بلد السلام ستفشل وتحمل في داخلها بوادر فشلها، حملة مسعورة يقودها الكذب والحقد والجنون، لكنّها كذلك واجهت شعباً سعودياً واعياً لحجم المؤامرة التي تستهدف الوطن، وواجهت قيادة حكيمة تعاملت مع مخاطر أشد تعقيداً من هذا الذي يحصل، لقد تكاتف وتلاحم السعوديون دفاعاً عن بلادهم وأكدوا أن الوطن وقيادته خط أحمر لا نقاش فيه، وجدّدوا عهد الولاء والثقة للقيادة".
ويضيف عوض: "ستنجلي الغُمّة وسنذكر حينها من وقف معنا ومن خذلنا ومن كان يبتزُ بلادنا ومن كان يلزم الصمت في انتظار من سينتصر، سنواجه من خذلونا وسنأخذ حق بلادنا، وستكون علاقتنا مع الآخرين قائمة على موقفهم معنا في هذه الأزمة".
ويقول يوسف الديني في "الشرق الأوسط" اللندنية إن قضية اختفاء جمال خاشقجي تحولت "من بعدَيها الجنائي والأمني وما يتصل بطبيعة العلاقات الدولية فيما يخص غياباً أو اختفاءً على أراضي دولة أخرى، إلى قضية استهداف للسعودية، الدولة الأكثر تأثيراً، ليس في صعيد المنطقة ودول العالم، بل تحولها إلى علامة فارقة لأعدائها والمناهضين لسياستها وحضورها الطاغي أخيراً على أكثر من صعيد، وهذا ما نلحظه بشكل كبير على مستوى البحث والتعليق والتداول لأي موضوع يخص السعودية اجتماعياً أو يتصل بالأحداث اليومية، فضلاً عن أن يكون بحجم اختفاء شخصية عامة بارزة في ظروف غامضة وغريبة".