لا تزال الصحف العربية بنسختيها الورقية والإلكترونية تناقش تبعات اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في مدينة إسطنبول التركية.
وحمّل بعض المعلقين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسؤولية عن اختفاء وربما "مقتل" خاشقجي، محذرين من أن الحادث ستكون له انعكاسات سليبة على صورة بن سلمان في الساحة الدولية.
وفي المقابل، دافع عدد من الكُتَّاب عن نظام الحكم في السعودية، معتبرين أن ما يحدث لا يربو عن كونه "مؤامرة تركية قطرية لتشوية صورة المملكة".
"فوق الحساب"
يرى توفيق رباحي في القدس العربي اللندنية أن خاشقجي كان ضحية "انتشار إرهاب الدولة عندما يكون الجاني ثريا، فوق الحساب وقادراً على شراء الذمم والدوس على القيم".
وينتقد رباحي رود الفعل الدولية على الاختفاء، مضيفا "بالتأكيد كانت ردود الفعل ستختلف جوهريا لو أن المتهم كان عمر البشير أو بشار الأسد أو معمر القذافي، وليس ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان. وكان الموقف سيختلف لو أن الدولة المعنية كانت من صنف الدول البائسة التي لا تنام على بحار من النفط والغاز ولا صناديق سيادية لديها. كما سيختلف الأمر تماما لو أن مسرح الجريمة كان مدينة من مدن الاتحاد الأوروبي أو أمريكا".
وفي الجريدة ذاتها، يقول حسين مجدوبي "توجه أصابع الاتهام إلى دولة واحدة وهي السعودية، وداخل هرم السلطة تشير الأصابع إلى شخصية واحدة وهو ولي العهد محمد بن سلمان. والواقع، فهي كثيرة العوامل والحجج التي تجعل ولي العهد هو الآمر بهذه الجريمة الشنعاء".
ويشدد وليد شرارة في الأخبار اللبنانية أن حادث خاشقجي سوف تكون له "تداعيات سلبية أكيدة على صورة ولي العهد الشاب محمد بن سلمان، وعلى صدقية ادعاءاته الاصلاحية والتجديدية. الملايين التي أنفقت لتظهير تلك الصورة وتعزيز الصدقية أمام الرأي العام الغربي ذهبت هباءً منثوراً".
ويضيف شرارة أن الصحفي السعودي قد دفع "ثمناً باهظاً" لأنه "تصور أن لجوءه إلى الولايات المتحدة وكتابته في صحيفة واشنطن بوست ممكن أن يحمياه من إجرام ولي عهد طموح".
وفي الشرق القطرية، يقول عبدالعزيز آل إسحاق "خطف جمال خاشقجي يؤكد ما يقوله الكثيرون في هذا العالم بأن محمد بن سلمان ليس الشخص الذي يمكن الثقة فيه أو الاعتماد على تصرفاته، وهذا يتضح جلياً فيما يقوم به أو يدفع إليه أو من خلال تصرفات كبار مستشاريه".
"مؤامرة تركية - قطرية"
لكن كتابا آخرين دافعوا على موقف السعودية إزاء القضية، وانتقدوا الاتهامات الموجهة إليها.
ويقول حمود أبو طالب في الوطن السعودية "بدأت تتكشف وتتضح خيوط تشير بقوة إلى عملية استخباراتية منظمة ومعدة مسبقاً بذراعيها التنفيذية والإعلامية"، مضيفاً أن "الذراع الإعلامية هو تنظيم الإخوان برعاية قطر ومنصاتها الإعلامية الظاهرة والمتخفية وفي مقدمتها قناة الجزيرة".
ويضيف الكاتب "أما بالنسبة لتركيا فقد تمت الحادثة على أرضها وداخل حدودها السيادية، وهذا ما يحملها كامل المسؤولية في كشف ملابساتها، لا سيما وقد أعلن الرئيس أردوغان متابعته الشخصية لملف القضية، ومن غير المعقول أن تستمر القضية غامضة ورئيس الدولة يتابعها".
كما تؤكد الرياض السعودية في افتتاحيتها أن ما يحدث حالياً من حملات تحاول تشويه صورة المملكة وسمعتها دولياً امتداد طبيعي لتاريخ طويل من التعبئة ضد المملكة".
وفي مقالٍ بعنوان "خاشقجي والمسرحية"، يقول خالد السويدي في الإمارات اليوم "جمال خاشقجي إنسان اختفى في ظروف غامضة وبطريقة محيرة شدت انتباه المتابعين للقضايا الإقليمية، إلا أنه من المعيب جداً إصدار الاتهامات، واستضافة المرتزقة، واختلاق الأكاذيب التي لا يمكن أن يصدقها إلا المجانين للإساءة إلى المملكة العربية السعودية".
كما يصف دندراوي الهواري، رئيس التحرير التنفيذي لجريدة اليوم السابع المصرية، سيناريو اختفاء خاشقجي بأنه "مسلسل تركي جديد، ممل وساذج"، مؤكداً أن قناة الجزيرة القطرية "كانت أول منبر بدأ في محاولة توريط الرياض في حادث اختفاء خاشقجي بأكاذيب وادعاءات دول دليل واحد".
ويضيف الكاتب "ولا يمكن انكار أيضا تورط تركيا في الحادث عندما حاولت أن تضفي على الجريمة بهاراتها الخاصة".
ويختتم الكاتب بالقول "الكائن الإخواني جمال خاشقجي استطاع وبقدرات خارقة أن يعمل مع أقوى جهازين استخباريين في العالم سي آي ايه وام آي 6 ... إذن، ودون شماتة، فإن خاشقجي عاش خائنا ومات بخنجر الخيانة أيضا".