تعرض أكثر من مليون شخص للعنف الأسري في بريطانيا كل عام، وينصب الاهتمام في العادة على تقديم المساعدة للضحايا. لكن ماذا عن مرتكبي العنف؟ هل يجب مد يد المساعدة لهم؟ وهل يمكن أن يتغيروا؟
أحس أندرو أنه يرغب في التغيير حين واجه احتمال فقدان عائلته.
تكرر اعتداؤه على شريكته، إيما، وتسبب لها بجروح أكثر من مرة.
وبعد أن تصاعد العنف غادر أندرو المنزل وكان على شريكته أن تعاني مع الأطفال، ثم فقد كلاهما حق حضانتهم.
تغيير السلوك
حصلت إيما على تأهيل بمساعدتها على المضي قدما في حياتها والتخلص من أثر العلاقة المؤذية وإعادة بناء احترامها لذاتها.
لكن ماذا عن أندرو الذي كان بدوره يبحث عن مساعدة؟
أراد أن يتوقف عن إيذاء شريكته. وخلال بحثه، عثر على مؤسسة فينكس لمكافحة العنف الأسري، التي تساعد الرجال في سعيهم لتغيير سلوكهم.
يتذكر المرة الأولى التي دخل فيها غرفة مليئة برجال مظاهرهم غريبة، وحينها قال لنفسه "ما الذي فعلته؟".
بعد قضائه سبعة شهور وسط المجموعة، كون صداقات مع أفرادها، ويقول إنه بدأ يفهم تأثير سلوكه.
كان يواجه تحديا لفهم أثر سلوكه السابق كل أسبوع.
تعتمد المؤسسة على برنامج يشمل أفكارا لحل المشاكل ونقاشات تهدف إلى توضيح تأثير السلوك العنيف أمام من ارتكبوه في الماضي.
ويقول أندرو: "لست فخورا بالشخص الذي كنت، لكني فخور بما أنا عليه الآن".
وتؤكد إيما أنها لاحظت تغير أندرو، وتقول "هو الآن مختلف، نتحدث أكثر، يستمع".
انفصل أندرو وإيما لمدة عامين، لكنهما عادا للإقامة معا الآن، ويحاولان استعادة أطفالهما.
وتقول ليديا، التي ساعدت أندرو خلال البرنامج التأهيلي، إنه من الضروري التدخل وإلا فإن ذلك الشخص سيجد ضحية أخرى، وهناك احتمال كبير أن يكون مؤذيا في علاقته القادمة.
وتركز مؤسسة "فينيكس" على التواصل مع طرفي العلاقة بشكل أسبوعي، إذ ترى أن الطرفين، المسيء والمساء إليه، بحاجة إلى المساعدة، إما معا أو بشكل منفصل، إذا أرادا الخروج من دوامة العنف.
حالات مستعصية
لكن لا تنتهي كل الحالات نهاية إيجابية.
لم تلاحظ سارة، مثلا، أي تغير إيجابي على زوجها بعد خضوعه للبرنامج التأهيلي، بل أصبح أكثر عدوانية، واستمر سلوكه العدواني.
وتقول إنه ارتكب عنفا فظيعا، فقد حاول خنقها وجرها من شعرها وضرب رأسها بالحائط.
وتعتقد سارة أن هذه البرامج ليست كافية لإحداث تغيير ملموس، وإن العدوانيين بحاجة لسنوات من العلاج حتى يتغيروا.
وتضيف "هم بجاحة لإعادة تأهيل طويل جدا، وليس مجرد ستة أسابيع، لأنهم قادرون على تضليل المدربين".
وتقول إنها تحس أن نظام التأهيل خذلها.
ولم تحصل سارة على أي دعم كاف لحمايتها من شريكها العدواني، وتقول إنه يعرف مكان سكنها ويستمر في ملاحقتها.
ولا تحس أن البرنامج حاسب شريكها على ما فعله.
وتشير التقديرات إلى أن 3000 شخص يحضرون برامج تأهيلية في بريطانيا كل عام، ويستمر الرقم في الارتفاع. ومعظم الذين يحضرون دورات التأهيل هم من الرجال.
دائرة العنف
وتبلغ تكاليف برامج إعادة التأهيل 500 جنيه إسترليني، تدفعها جهات حكومة أو الأشخاص.
وتستهدف بعض الدورات المعتدي فقط، لكن بعض البرامج تعقد دورات للطرفين بشكل متزامن، وهناك جدل حول اي الطريقتين أكثر فعالية.
وتعقد جيني فيدر دورات علاجية لأشخاص معتدين، وتقول "إذا تجاهلنا الطرف المعتدي فكأننا نتجاهل أصل المشكلة".
تصاعد العنف
ريتشل ويليامز نجت من العنف العائلي، فقد قضت مع زوجها 18 سنة، وتصاعد العنف الذي تعرضت له مع الوقت.
وحين انفصلا، زارها زوجها في الصالون الذي تعمل فيه وأطلق النار على ساقها.
وتنشط ريتشيل الآن في برنامج لمساعدة الضحايا.
وقد سمعت عن معتدين يستخدمون دورات إعادة التأهيل التي يشاركون فيها من أجل إقناع المحكمة أنهم تغيروا، لكنهم في الواقع يستمرون في إيذاء الشريكة.
وتعتقد ريتشيل أن الناس لا يدركون تأثير العنف المنزلي، ومدى ذكاء المعتدين وقدرتهم على استغلال الآخرين.
وتقول إن هناك ضرورة للاستمرار في مراقبتهم لمعرفة ما إذا تغيروا فعلا.
أما دنيز، التي أشرفت على دورات إعادة تأهيل، لأكثر من عشرين عاما، فتقول إنه يجب منح فرصة للراغبين في التغيير.
وتقول إنه سيكون دائما اشخاص غير قادرين أو غير راغبين في التغيير، لكن هناك مَن تكون رغباتهم مخلصة ويجب أن يحصلوا على فرص.