كتب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز"، دعا فيه إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويقول كارتر: "لا نعرف بعد سياسة الإدارة المقبلة تجاه كل من إسرائيل وفلسطين، لكننا نعرف سياسة الإدارة الحالية، فقد كان هدف الرئيس باراك أوباما دعم نهاية للنزاع، من خلال التفاوض الذي يؤدي إلى حل دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام".
ويرى المسؤول الأمريكي البارز في مقاله أن "حل الدولتين أصبح محل شك كبير الآن، ولا أزال مقتنعا أن الولايات المتحدة تستطيع تشكيل مستقبل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني قبل أن تغير رئيسها، ومع أن الوقت قصير، فإن الخطوة البسيطة والحيوية التي يجب أن تتخذها الإدارة قبل أن تنتهي ولايتها في 20 كانون الثاني/ يناير، هي منح اعتراف دبلوماسي أمريكي بالدولة الفلسطينية، كما فعلت 137 دولة أخرى، والمساعدة على منح فلسطين عضوية كاملة في مجلس الأمن".
ويذكر كارتر أنه في عام 1978 عندما كان رئيسا، وقع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن والرئيس المصري أنور السادات اتفاقيات كامب ديفيد، وقامت تلك المعاهدة على قرار مجلس الأمن الدولي 242، الذي صدر بعد حرب عام 1967، والذي ينص بشكل رئيسي على "عدم جواز حيازة الأراضي من خلال الحرب، والحاجة للعمل على تحقيق حل عادل ودائم في الشرق الأوسط؛ من أجل أن تعيش كل دولة في المنطقة بسلام"، ودعا أيضا إلى "انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير".
ويشير الرئيس الأسبق إلى أن المعاهدة صادق عليها بشكل كامل كل من البرلمان المصري والكنيست الإسرائيلي، وكان المبدآن الأساسيان في قرار 242 هما الأساس الذي اعتمدته السياسة الأمريكية والمجتمع الدولي منذ ذلك الوقت.
ويلفت كارتر إلى أن الرئيس أوباما في بداية ولايته عام 2009 أكد المبادئ الحيوية في معاهدة كامب ديفيد وقرار عام 242، عندما طالب بتجميد كامل للبناء في المستوطنات التي أقيمت بطريقة غير شرعية على الأراضي الفلسطينية، مشيرا إلى تأكيد الرئيس في عام 2011 أنه "يجب ترسيم الحدود بين إسرائيل وفلسطين، بناء على خطوط عام 1967"، وقال: "يجب أن يؤدي التفاوض إلى حل للدولتين، وبحدود دائمة مع إسرائيل والأردن ومصر، وحدود إسرائيلية دائمة مع فلسطين".
وينوه الكاتب إلى أن الالتزامات، التي حددتها معاهدة كامب ديفيد قبل 38 عاما، تواجه خطر الإلغاء، حيث تقوم إسرائيل ببناء مستوطنات جديدة، وتشرد الفلسطينيين، وتعزز من احتلالها لأراضي الفلسطينيين، لافتا إلى أن حوالي 4.5 مليون فلسطيني يعيشون في الأراضي الفلسطينية، لكنهم لا يتمتعون بالجنسية الإسرائيلية، ويعيشون في الأغلب تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، ولا يشاركون في الانتخابات الإسرائيلية.
ويستدرك كارتر بأنه "في الوقت ذاته، يعيش حوالي 600 ألف مستوطن إسرائيلي في فلسطين، ويتمتعون بالجنسية الإسرائيلية، وحماية القانون الإسرائيلي، وقد سرعت هذه الإجراءات من واقع الدولة الواحدة، التي قد تدمر الديمقراطية الإسرائيلية، وستزيد من الشجب الدولي لإسرائيل".
ويفيد الرئيس الأسبق بأن "مركز كارتر يواصل دعم حل الدولتين، من خلال عقد جلسة نقاش بين ممثلين إسرائيليين وفلسطينيين؛ للبحث عن مسار للسلام، وبناء على نتائج هذه المحادثات، فأنا متأكد من أن اعتراف الولايات المتحدة لن يسهل على بقية الدولة التي لم تعترف بفلسطين الاعتراف بها، بل سيزيل العقبات أمام قرار لمجلس الأمن حول مستقبل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي".
ويقول كارتر إن "على مجلس الأمن أن يصدر قرارا يحدد المعايير لحل النزاع، ويجب أن يعيد تأكيد عدم شرعية المستوطنات التي أقيمت خارج حدود عام 1967، ويترك المجال أمام احتمال قيام الطرفين بالتفاوض على تعديل لها، ويجب تأكيد الضمانات الأمنية لكل من إسرائيل وفلسطين، ويجب أن يعترف القرار بحق كل من دولة إسرائيل وفلسطين في العيش بأمن وسلام، ويجب أن يتضمن إجراءات أخرى، مثل نزع سلاح الدولة الفلسطينية، وإمكانية نشر قوات حفظ سلام برعاية الأمم المتحدة".
ويرى الكاتب أن "قرارا من مجلس الأمن سيعزز من اتفاقيات جنيف وغيرها من المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان، التي تضمن الحماية للأطراف كلها في كل وقت، وسيدعم الاتفاقيات التي توصلت إليها الأطراف فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية".
ويعتقد كارتر أن "اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى عضوية شاملة في الأمم المتحدة، وقرار من مجلس الأمن المؤسس على القانون الدولي، سيضع الأسس للدبلوماسية في المستقبل، وستعزز هذه الخطوات القيادة الفلسطينية المعتدلة، وترسل في الوقت ذاته رسائل طمأنة واضحة للرأي العام الإسرائيلي بأن العالم يعترف بإسرائيل وأمنها".
ويجد الرئيس الأمريكي الأسبق أن هذا هو الخيار الأفضل والوحيد لمواجهة واقع الدولة الواحدة، الذي فرضته إسرائيل على نفسها وعلى الفلسطينيين، مؤكدا أن الاعتراف بفلسطين مترافقا مع قرار جديد من مجلس الأمن ليسا إجراءين جديدين، لكنهما نتاج طبيعي للدعم الأمريكي لحل الدولتين.
ويوضح كارتر أن "الهدف الرئيسي لسياستي الخارجية كان المساعدة على تحقيق السلام لإسرائيل وجيرانها، وفي أيلول/ سبتمبر 1978، تحدثت بفخر أمام جلسة مشتركة للكونغرس، وقلت: (طوبى لصانعي السلام؛ لأنه سيطلق عليهم أبناء الرب)، وكان بيغن والسادات جالسين في الشرفة، ووقف أعضاء الكونغرس وصفقوا لصانعي السلام البطلين".
ويختم كارتر مقاله بالقول: "أخشى على روح كامب ديفيد، وعلينا ألا نضيع هذه الفرصة".