في وقت كثر فيه الخلاف، بسب قلة الإنصاف، و تمادي البعض في الإرجاف، نقول للمسلمين، عليكم بحبل الله المتين، تمسكوا به إلى يوم الدين.
وطبقوا قول شاعرنا :
ــ واجمعوا الشمل في اتفاق جديد وذروا الخلف فالخلاف يبيد
ــ لا لخلف يدوم دهرا طويــــلا طال ذا الخلف شاب فيه الوليد
ثم نقول : لا للتنابز بالألقاب ، ولا للمز و الاغتياب ، و الشك و التربص و الارتياب و تذكروا معي يا أولي الألباب ، أن ديننا دين الوفاق و الاتفاق ، و يجمع الشعوب على الإطلاق ، و دعوته تعم الآفاق .
ـ وديننا يا سادة يجمع الراعي ، والأمير، والصغير ، والكبير ، والغني ، والفقير ، و يجمع الجديد و التليد ، والذكي ، والبليد ، والاجتهاد ، والتقليد .
ـ فتنوعنا تنوع ثراء ، ينبغي أن نستخدمه في البناء والنماء ، ليعضد بيننا المحبة والوفاء ، والصمود والإباء ، و مقارعة الأعداء ، فنطرد من جسد أمتنا كل داء، ويحقق الله لنا الرجاء
كما قال الشاعر:
وإذا أراد الله أمرا لم تجد لقضائه ردا ولا تبديلا .
ـ فنحن كالجسد الواحد ، في التماسك ، والتعاضد.
ـ ونحن كأصابع اليد في تفاوتها ، وتناسقها وتكاملها ، فلا طويلها مستغن عن قصيرها ، ولا خنصرها مستغن عن بنصرها ، ولا وسطاها مستغن عن سبابتها ، ولا إبهامها مستغن عن جميعها.
فنكون كما قال الشاعر :
كونوا أنتم و بني أبيكم مكان الكليتين من الطحال .
ـ ونحن كالأرض إذا سقتها السماء ، بوابل الماء ، فأنبتت الحدائق الغناء.
كما قال الشاعر:
ولقد تمر على الغدير تخاله والنبت مرآة زهت بإطار.
وكيف لا نكون في انسجام ، ولكل منا اهتمام ، يخدم به الآخر في التئام .
ـ فمنا حماة الاعتقاد ، و سالكو طريق الرشاد ، الآمرين بالسداد ، مظهري السنة في كل ناد ، ورافعي راية الجهاد ، مرفرفة في جل البلاد ، فشانئهم أبتر وعدوهم كلب أعور.
كما قال الشاعر:
من ليس يخشى أسود الغاب إن زأرت فكيف يخشى كلاب الحي إن نبحت
سلاحهم الصبر عند اللقاء ، و عدم الشماتة في الأعداء.
كما قال الشاعر:
قد هون الصبر عندي كل نازلة ولين العزم حد المركب الخشن
ـ ومنا الزهاد ، المخبتين العباد ، معمري المساجد بالوعظ و الإرشاد ، يحرصون على هداية العباد ، قد طهروا قلوبهم من الرياء ، و البغض و الحسد و الكبرياء ،
ولم يشغلواالناس بالجدل والمراء ، فقلوبهم في صفاء و نقاء.
كما قال الشاعر:
وروح الروح أرواح المعاني و ليس بأن طعمت ولا شربت.
فعدوهم من الخاسرين ، والله يدافع عنهم أجمعين .
كما قال الشاعر:
وإذا العناية ناظرتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمانوا.
ـ ومنا مقارعي الطغاة ، كالأسد في الغابات ، لا يبالون بالنكبات.
كما قال الشاعر:
و تجلدي لشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع.
وكالحدائق المثمرات ، يخدمون الأمة في كل المجالات ، و يسعون لها في حل المعضلات ، وهم قادة في كل الأزمات ، فاليتيم كفلاؤه ، والداعية رعاته ، والضعيف حماته ، والمسكين أعوانه .
فعدوهم في صغار ، ملتحف ثوب العار ، لأنهم محبوبون ، وبإذن الله مؤيدون.
كما قال الشاعر:
كل امرئ يول الجميل محبب وكل مكان ينبت العز طيب.
فهل علينا في التخصص لوم ، إن كان تخصصنا يخدم القوم ، نرفع به عن بعضنا الحرج ، و الخير في ذاك اندرج .
ـ فمن أراد العداء بيننا ، بنبش عيوب بعضنا لبعضنا ، قلنا أما سمعت قول شاعرنا :
عليك نفسك فتش عن معايبها وخل عن عثرات الناس للناس.
وقال آخر :
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن.
وعينك إن أبدت إليك مساوئا فصنها وقل يا عين للناس أعين.
وعليك بستر المعائب ، واعلم أنك كثير المثالب ، فاحذر أن تنهال عليك المصائب ، وتذكر القول الصائب :
و من عجب و العجائب جمة أن يلهج الأعمى بعيب الأعور
و إن لم يكن لك دور في الإصلاح ، ولا سلكت طريق النجاح ، فاحفظ لسانك عن أهل الخير والصلاح ، و تذكر مقولة كالأقاح :
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال .
ـ والمؤمنون إخوة ، و قد قال تعالي : ( سنشد عضدك بأخيك ).
ـ فلا تكسر جناحك ، فتضيع آمالك ، و تفسد حالك ، فيصدق القول فيك ،
(الطير المقصوص بين الطيور ذليل).